عمان بوست – تتزايد الأزمات الإنسانية في لبنان بشكل متسارع نتيجة التصعيد الإسرائيلي الأخير، حيث تحوّلت حياة نحو نصف مليون شخص إلى نزوح مأساوي منذ اندلاع المواجهات مع حزب الله، في أعقاب العدوان الإسرائيلي على غزة.
وخلال أقل من أسبوع، كشف وزير البيئة ومنسق خطة الطوارئ الحكومية، ناصر ياسين، عن حصيلة مروعة للضحايا، إذ بلغ عدد الشهداء في جنوب لبنان 1247 شخصًا، فيما تجاوز عدد الجرحى 5278 نتيجة الغارات الإسرائيلية المكثفة على مناطق مختلفة. وأفاد ياسين بأن عدد النازحين وصل حتى الآن إلى 52,900 شخص، موزعين على 360 مركز إيواء، معظمها مدارس ومؤسسات تعليمية، مشيرًا إلى أن هذا العدد يشكل 30% فقط من مجموع الذين غادروا منازلهم.
في سياق متصل، أكد وزير الخارجية اللبناني، عبدالله بو حبيب، أن موجات النزوح بدأت منذ نحو عام جراء التصعيد المتقطع بين إسرائيل وحزب الله، مع وصول عدد النازحين آنذاك إلى 110,000 شخص. ومع بدء القصف الأخير، ارتفع العدد بشكل كارثي ليقترب من نصف مليون نازح، وفق تقديرات بو حبيب.
نزوح مئات الآلاف من العائلات من الجنوب اللبناني جاء بعد رسائل تحذيرية أرسلها جيش الاحتلال الإسرائيلي، مطالبًا الأهالي بالابتعاد عن ما أسماها “أهدافًا لحزب الله”، وتوعّد بمزيد من الضربات في خطوة غير مسبوقة منذ اندلاع الأزمة الأخيرة.
وتحدثت الطالبة الجامعية نور حمد (22 عامًا) من مدينة بعلبك، عن الظروف المروعة التي يعيشها النازحون: “نحن نعيش في رعب منذ أربعة أيام، النوم أصبح كابوسًا… القصف المستمر يُرعب الجميع، كبارًا وصغارًا، ولا نعلم ما الذي يخبئه لنا الغد. لا يمكن لأي شخص أن يتحمل هذه الظروف، نريد فقط أن نعود إلى حياتنا الطبيعية.”
التحذيرات الدولية والإقليمية تتوالى بشأن الوضع المتأزم، إذ حذرت الأردن ومصر والعراق من أن إسرائيل تدفع المنطقة نحو حرب شاملة، منددة بالتصعيد العسكري الإسرائيلي ضد لبنان. وعلى الصعيد الدولي، دعت فرنسا مجلس الأمن لعقد اجتماع طارئ في ظل المخاوف المتزايدة من اندلاع صراع إقليمي.
من جانبه، أعرب مفوض وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، فيليب لازاريني، عن قلقه من تحول لبنان إلى “غزة ثانية”، مشيرًا إلى أن التصعيد المستمر يهدد بانفجار حرب شاملة في المنطقة، قد تدمر لبنان تمامًا كما دُمّر قطاع غزة.
وتعود جذور التصعيد الأخير إلى سلسلة تفجيرات استهدفت أجهزة اتصالات “البيجر” في 17 و18 سبتمبر، اتهم حزب الله إسرائيل بالوقوف وراءها، وأسفرت عن سقوط أكثر من 80 شهيدًا وإصابة نحو 3000 آخرين. أعقب ذلك غارة إسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت في 20 سبتمبر، قضى فيها 16 من قادة وحدة “الرضوان”، وحدة النخبة في حزب الله، بينهم قائد الوحدة، ما أدخل المنطقة في دوامة عنف متسارعة قد تكون لها عواقب وخيمة.
أ ف ب