عمان بوست – كشفت مصادر مطلعة أن الولايات المتحدة تقود مساعٍ دبلوماسية مكثّفة لإنهاء المواجهات العسكرية بين إسرائيل وحزب الله في لبنان، في محاولة لاحتواء التوترات المتزايدة على الجبهة الشمالية، على أمل أن يمهد إحراز تقدم هناك الطريق لاستئناف المحادثات المتوقفة بشأن الأوضاع في غزة.
وأفادت مصادر لبنانية ودبلوماسية غربية، إضافة إلى مصادر مطلعة على موقف حزب الله، أن مناقشات تجري على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، تتناول مقترحات وقف التصعيد، في وقت أكدت مصادر في واشنطن أن جهودًا أميركية مكثفة تُبذل لتهدئة الأوضاع في لبنان، الذي يشهد تصعيدًا يحمل مخاطر اندلاع حرب شاملة في المنطقة.
وقال مسؤول لبناني كبير لرويترز إن هناك محاولة للوصول إلى تسوية تشمل غزة ولبنان معًا، مشيرًا إلى أن حزب الله “منفتح على كل التسويات التي تشمل غزة ولبنان”.
تحرك أميركي-فرنسي لوقف التصعيد
وفي السياق ذاته، أكد الرئيس القبرصي نيكوس خريستودوليدس أن واشنطن وباريس تسعيان لفرض وقف إطلاق نار مؤقت بين حزب الله وإسرائيل لمدة 21 يومًا لفتح المجال أمام مفاوضات أوسع تشمل الجبهة الجنوبية في لبنان والوضع المتفجر في غزة، وسط جهود دبلوماسية واسعة لتحقيق هدنة طويلة الأمد في القطاع الفلسطيني المحاصر.
ومع تصاعد الجهود، حذّرت إسرائيل بأنها قد تلجأ إلى توغل بري في لبنان، في حال فشلت الجهود الدبلوماسية. ونقلت رويترز عن ثلاثة مسؤولين إسرائيليين تأكيدهم أن المحادثات الأميركية-الفرنسية لم تحقق حتى الآن تقدمًا كبيرًا.
توغل عسكري محتمل وتصاعد المخاوف
أطلقت إسرائيل حملة عسكرية واسعة على حزب الله في لبنان خلال الأيام الأخيرة، أسفرت عن سقوط عدد من قادة الجماعة ومئات الضحايا، ما دفع عشرات الآلاف من السكان على جانبي الحدود إلى النزوح خوفًا من توغل بري إسرائيلي، بينما قدّر مسؤولون لبنانيون أن ما يقارب نصف مليون شخص نزحوا هذا الأسبوع وحده.
وفي الأمم المتحدة، تواصلت الجهود لوقف النزيف البشري، حيث أكد البيت الأبيض أن الرئيس الأميركي جو بايدن التقى نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون لمناقشة جهود وقف إطلاق النار، بينما أعلن الأخير إرسال وزير خارجيته الجديد إلى لبنان خلال أيام.
خطة لتخفيف التصعيد على الجبهتين
وكشف دبلوماسي غربي بارز لرويترز أن الولايات المتحدة تعمل على صياغة اتفاق شامل يبدأ بوقف إطلاق النار في لبنان، يليه إنهاء العمليات القتالية الرئيسة في غزة، ليتبعه مسعى لترسيم الحدود البرية المتنازع عليها بين إسرائيل ولبنان. وأضاف أن هذا المسار قد يوفر “مخرجًا” لحزب الله لتجنب حرب شاملة مع إسرائيل.
وأشار مصدر أميركي آخر إلى أن المحادثات تهدف في البداية إلى “توقف مؤقت” للأعمال العدائية بين حزب الله وإسرائيل، مع استئناف المفاوضات غير المباشرة المتوقفة بين إسرائيل وحماس.
تحذيرات من عقبات كبيرة
رغم التسارع في وتيرة المحادثات، حذّر مسؤولون في واشنطن من أن الطريق نحو وقف إطلاق النار لا يزال مليئًا بالتحديات، وأن تنفيذ الاتفاق على الأرض قد يكون أصعب بكثير من التوصل إليه في الغرف الدبلوماسية.
وأكدت المصادر أن الرئيس الأميركي جو بايدن ونائبته كامالا هاريس يواجهان ضغوطًا متزايدة لإيجاد حل دبلوماسي شامل للأزمة، في ظل انعكاس تداعيات النزاع على الحملة الانتخابية للرئاسة الأميركية.
تعقيدات إقليمية وحسابات سياسية
في غضون ذلك، كثّفت فرنسا جهودها للتواصل مع إيران، حيث أجرى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون محادثات مع نظيره الإيراني مسعود بزشكيان على هامش الجمعية العامة، مطالبًا إياه باستخدام نفوذه على حزب الله لتهدئة الأوضاع.
ويبقى المشهد معقدًا، مع وجود العديد من الأطراف المتداخلة والحسابات السياسية المعقدة التي تضع عراقيل أمام أي تسوية شاملة. ومع تصاعد التوترات، يبقى الخطر الحقيقي قائمًا من اندلاع حرب إقليمية واسعة النطاق إذا لم تنجح الدبلوماسية في احتواء الأزمة على الجبهتين اللبنانية والفلسطينية.
المصدر: رويترز