عمان بوست – أعلن حزب الله اللبناني، السبت، مقتل أمينه العام حسن نصر الله، إثر سلسلة غارات إسرائيلية استهدفت ضاحية بيروت الجنوبية، معقل الحزب. وأكدت إسرائيل في وقت سابق اغتيال نصر الله في عملية عسكرية دقيقة.
اشتهر حسن نصر الله، الذي ظلّ لسنوات طويلة يعيش في الخفاء لأسباب أمنية، كأحد أبرز القادة العسكريين والسياسيين في المنطقة. ومنذ الحرب المدمّرة التي خاضها حزب الله ضد إسرائيل في عام 2006، قلّ ظهوره العلني ليصبح نادراً. وكان آخر ظهور له علناً في 2011، عندما فاجأ الآلاف من أنصاره خلال مسيرة عاشوراء في الضاحية الجنوبية لبيروت، ثم خاطبهم عبر شاشة عملاقة، مؤكداً أن “المقاومة ستبقى وتستمر في مواجهة إسرائيل”.
نصر الله، المعروف بذكائه الحاد وحنكته السياسية، كان يتمتع بحضور كاريزمي وقدرة على التأثير الجماهيري، كما كان خطيباً مفوّهاً يتحدث لساعات دون تلعثم أو تردد، وغالباً ما كان يخاطب جمهوره عبر شاشات من مواقع سرية. ورغم محاولات خصومه تقويض مكانته من خلال انتقاد لهجته التهديدية، إلا أن شعبيته بين مناصريه لم تتزعزع، حيث يُطلقون عليه لقب “السيد” أو “أبو هادي” نسبة لنجله الأكبر الذي قُتل عام 1997 خلال معارك مع القوات الإسرائيلية.
انتخب نصر الله أميناً عاماً لحزب الله في عام 1992 بعد اغتيال إسرائيل لسلفه عباس الموسوي. وخلال فترة قيادته، طور الحزب قدراته العسكرية بدعم رئيسي من طهران، حيث تحوّل إلى قوة إقليمية مسلحة بترسانة أسلحة دقيقة، يقول إنها قادرة على توجيه ضربات موجعة لإسرائيل. ووفقاً لتصريحاته، يمتلك حزب الله حالياً أكثر من 100 ألف مقاتل.
عُرف نصر الله بمواقفه الحادة تجاه إسرائيل، إذ قاد الحزب في عمليات عسكرية أجبرت إسرائيل على الانسحاب من جنوب لبنان في عام 2000 بعد احتلال دام ثلاثين عاماً. وأثبت قدرته القيادية مجدداً في حرب 2006، حيث واجهت قواته الجيش الإسرائيلي لمدة 33 يوماً، في معركة أودت بحياة 1200 شخص في لبنان، معظمهم من المدنيين، و160 شخصاً في إسرائيل، معظمهم من الجنود.
ومع ذلك، تراجعت شعبيته لاحقاً، إذ يتهمه بعض اللبنانيين بالارتهان لإيران واستخدام قوة الحزب لتحقيق مكاسب سياسية داخلية، خصوصاً بعد تورطه في النزاع السوري ودعمه للنظام هناك. كما واجه انتقادات شديدة بسبب تداعيات انفجار مرفأ بيروت في 2020، حيث اتُهم الحزب بعرقلة التحقيقات وكشف الحقائق.
دور إقليمي خلال المواجهات الأخيرة بين إسرائيل وغزة في أكتوبر 2023، أعلن نصر الله جبهة “إسناد” لحماس، متوعداً بتصعيد الصراع ضد إسرائيل. وتصاعدت التوترات في الأيام الأخيرة بعد أن أكدت إسرائيل نقل تركيز عملياتها إلى الجبهة الشمالية، ما دفع نصر الله إلى التهديد بفتح “جبهة جديدة” ضد إسرائيل.
حسن نصر الله وُلد في حي شعبي ببرج حمود في الضاحية الشمالية لبيروت في 31 أغسطس 1960، لعائلة متواضعة من بلدة البازورية في جنوب لبنان. تلقى علومه الدينية في حوزات النجف الأشرف عام 1978، ثم انخرط في النشاط السياسي ضمن حركة “أمل” قبل أن ينفصل عنها في 1982 ليشارك في تأسيس حزب الله.
ترك نصر الله إرثاً معقداً ومتناقضاً؛ فهو القائد الذي يُحتفى به كرمز للمقاومة لدى أنصاره، وفي الوقت ذاته يُتهم بالهيمنة على القرار السياسي اللبناني، ما يجعله شخصية جدلية على مستوى الداخل والخارج.
مقتطف من سيرة نصر الله: حسن نصر الله متزوج من فاطمة ياسين، ولهما خمسة أبناء. قاد حزب الله لأكثر من ثلاثة عقود، شكّل خلالها جزءاً من المشهد السياسي والعسكري في الشرق الأوسط، وترك أثراً عميقاً على الصراعات الإقليمية وموازين القوى في المنطقة.
المصدر: أ ف ب