عمان بوست – أكد البنك الدولي في تقريره الأخير حول المرصد الاقتصادي للأردن – صيف 2024، أن الاقتصاد الأردني أبدى صلابة ملحوظة وسط بيئة إقليمية مضطربة، حيث حقق نموًا في الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 2.7% في عام 2023، إلا أن استمرار الصراعات في المنطقة، وخاصة الحرب في غزة، يهدد بتراجع وتيرة النمو إلى 2.4% في عام 2024.
وأوضح التقرير أن جميع القطاعات الاقتصادية في الأردن شهدت نمواً في العام الماضي، مع تحقيق الصناعات التحويلية أداءً استثنائياً، وتسجيل قطاعي الخدمات والزراعة نتائج قوية. كما سجّلت المطاعم والفنادق “ثاني أعلى معدل نمو” منذ عام 2017، مدفوعة بتعافي تدريجي في السياحة.
توقعات مالية متفائلة مشروطة بالاستقرار الإقليمي
توقع البنك الدولي أن يستمر الاقتصاد الأردني في التعافي بمعدل نمو يبلغ 2.6% في العامين المقبلين (2025-2026)، مع تحسن تدريجي في الأداء المالي العام، حيث من المرجح أن يتحول العجز الأولي للمالية العامة إلى فائض صغير بحلول عام 2025. كما يتوقع البنك أن يشهد مستوى الدين العام الموحد انخفاضاً تدريجياً، مدعوماً بتدابير تعزيز الإيرادات وتخفيف السياسة النقدية.
وأشار التقرير إلى أن الضغوط التضخمية في الأردن ستبقى تحت السيطرة، مدفوعة بتشديد السياسة النقدية التي ساهمت في إبقاء التضخم عند مستويات منخفضة، مع بقاء أسعار الفائدة الأساسية ثابتة عند 7.25% منذ تموز/يوليو 2023.
التحديات الإقليمية تهدد التعافي الاقتصادي
حذر البنك الدولي من أن الآفاق الاقتصادية للأردن ما تزال “مثقلة بعدم اليقين” بسبب الصراع الإقليمي، حيث تضررت التجارة الخارجية وتباطأت السياحة نتيجة للاضطرابات في الشرق الأوسط. ورغم أن التأثير المباشر للحرب كان محدوداً حتى الآن، إلا أن إطالة أمد الصراع أو اتساع نطاقه قد يؤدي إلى تدهور أكبر في التجارة، وارتفاع تكاليف الشحن، وأسعار النفط، مما يهدد الاستقرار الاقتصادي.
وسلط التقرير الضوء على تراجع عدد السائحين الوافدين بنسبة 7.5% بين تشرين الأول/أكتوبر 2023 وحزيران/يونيو 2024 مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق، وهو ما يعكس تأثراً كبيراً ببدء العمليات العسكرية البرية على غزة في تشرين الثاني/نوفمبر 2023. رغم ذلك، أشار البنك إلى تعافٍ تدريجي في عدد السائحين على أساس سنوي منذ آذار/مارس 2024.
تحسن في الحساب الجاري وزيادة في احتياطيات النقد الأجنبي
أوضح البنك الدولي أن عجز الحساب الجاري تقلص إلى أدنى مستوى له منذ عام 2019، مدفوعاً بارتفاع عائدات السياحة وانخفاض العجز التجاري، ما أدى إلى تحسن الفائض في حساب رأس المال والحساب المالي، وزيادة احتياطيات النقد الأجنبي القابلة للاستخدام إلى 17.3 مليار دولار، وهو ما يغطي قرابة 7.0 أشهر من الواردات.
مؤشرات سوق العمل تبقى ثابتة رغم التحسن الاقتصادي
فيما يتعلق بسوق العمل، أشار التقرير إلى أن معدل البطالة استقر عند 21.4% في الربع الأول من 2024، بدون تغيير عن مستواه في الربع الأخير من 2023، مما يعكس صعوبة انعكاس النمو الاقتصادي على تحسين فرص العمل. ورغم تسجيل انخفاض طفيف في معدل البطالة للعام الثاني على التوالي، لا تزال مشاركة القوى العاملة منخفضة، خصوصاً بين النساء، إذ لم تتجاوز نسبة مشاركتهن 15.5% في الربع الأول من 2024، وهو ما يعد من بين أدنى المعدلات في العالم.
تحسن التصنيف الائتماني يعكس الثقة بالاقتصاد الأردني
أكد التقرير أن الجهود الحكومية لضبط المالية العامة، إلى جانب الاستقرار النقدي، ساهمت في تعزيز التصنيف الائتماني السيادي للأردن. فقد رفعت وكالة “موديز” التصنيف السيادي من “B1” إلى “Ba3” في أيار/مايو 2024، مع نظرة مستقبلية مستقرة، فيما حافظت وكالة “ستاندرد آند بورز” على تصنيفها عند مستوى “BB” في آذار/مارس 2024.
أثر الحرب على الأداء المالي والضريبي
أوضح التقرير أن الحرب في المنطقة أثرت سلباً على إيرادات ضريبة الدخل والأرباح، مما زاد العجز الكلي للحكومة المركزية بنسبة 34.5% في الأشهر الخمسة الأولى من 2024. كما شهدت الإيرادات الضريبية تراجعاً، رغم زيادة المنح الأجنبية والإيرادات غير الضريبية، ما يعكس تأثير تباطؤ النشاط الاقتصادي واضطراب التجارة.
ختاماً
أشار البنك الدولي إلى أن الحفاظ على مسار التعافي الاقتصادي يتطلب إدارة حكيمة للسياسات المالية والنقدية، فضلاً عن العمل على مواجهة تحديات البيئة الإقليمية المعقدة، ودعم القطاعات الإنتاجية لتعزيز النمو المستدام وتقليل الاعتماد على الدعم الخارجي في ظل مخاطر الصراعات الممتدة في المنطقة.