عمان بوست – انطلقت صباح الأحد عملية الاقتراع لاختيار رئيس جديد لتونس من بين ثلاثة مرشحين، أبرزهم الرئيس المنتهية ولايته قيس سعيّد، وسط أجواء تفتقر للحماس الشعبي بسبب الأوضاع الاقتصادية الصعبة والانتقادات التي تلاحق سعيّد بتوجه البلاد نحو حكم استبدادي.
وبدأ 9.7 ملايين ناخب مسجل الإدلاء بأصواتهم منذ الساعة الثامنة صباحًا في أكثر من 5 آلاف مركز اقتراع، وتستمر عمليات التصويت حتى السادسة مساءً بالتوقيت المحلي، وفقًا لهيئة الانتخابات التونسية. ومن المتوقع إعلان النتائج الأولية بحلول يوم الأربعاء المقبل، مع احتمال الكشف عنها قبل هذا الموعد.
يتصدر السباق قيس سعيّد (66 عامًا)، الذي سبق أن فاز بنسبة 73% من الأصوات في انتخابات 2019، لكنه يواجه انتقادات حادة بسبب قراراته التي تضمنت حلّ البرلمان وتعديل الدستور، ما أثار اتهامات من المعارضة ومنظمات المجتمع المدني بالتحول إلى نظام سلطوي.
وينافس سعيّد في الانتخابات النائب السابق زهير المغزاوي (59 عامًا) المعروف بمواقفه المؤيدة للرئيس، إلى جانب العياشي زمال (47 عامًا)، رجل الأعمال الذي يواجه اتهامات قضائية بتزوير التوقيعات اللازمة للترشح.
حملة باهتة وغياب للزخم
شهدت الحملة الانتخابية غيابًا واضحًا للزخم التقليدي، حيث خلت من الاجتماعات الجماهيرية، والملصقات الدعائية، وحتى المناظرات التلفزيونية التي كانت قد ميزت انتخابات 2019. وقد اعتبر محللون أن هذه الأجواء تشير إلى تراجع الحماسة الشعبية للانتخابات، وسط دعوات من المعارضة لمقاطعة التصويت.
وفي هذا السياق، قال مايكل العيّاري، الخبير في “منظمة الأزمات الدولية”، إن نسب المقاطعة مرشحة للارتفاع، كما حدث في الانتخابات التشريعية الأخيرة، التي شهدت مشاركة متدنية لم تتجاوز 11.7%. وأضاف العيّاري: “المواطنون لا يشعرون بالحماس لهذه الانتخابات، وهناك مخاوف من أن ولاية جديدة لسعيّد قد تعمّق الأزمة الاقتصادية والاجتماعية وتزيد من التوجه الاستبدادي للنظام”.
انتقادات واتهامات بالتلاعب
تواجه الهيئة العليا المستقلة للانتخابات انتقادات حادة بسبب رفضها إعادة قبول مرشحين معارضين بارزين للسباق الانتخابي رغم صدور قرارات قضائية لصالحهم، مما دفع البعض إلى اتهامها بالانحياز الكامل للرئيس الحالي. من جانبه، وجه رمزي الجبابلي، مدير حملة العياشي زمال، تحذيرًا إلى الهيئة الجمعة، مطالبًا بعدم “العبث بصوت التونسيين”.
في المقابل، حاول سعيّد حشد التأييد الشعبي، ودعا في خطاب ألقاه الخميس التونسيين إلى “الإقبال بكثافة” على صناديق الاقتراع، معتبرًا أن “العبور نحو بناء جديد” يبدأ من المشاركة الفعّالة في هذه الانتخابات.
احتجاجات شعبية وتنديد بالقمع
في السياق ذاته، شهدت العاصمة تونس، الجمعة، تظاهرات شعبية نددت بما وصفته بـ”تزايد القمع”، حيث خرج مئات المحتجين في شارع الحبيب بورقيبة الرئيسي للمطالبة بإنهاء حكم سعيّد، رافعين لافتات تصفه بـ”الفرعون المتلاعب بالقانون”، وسط تواجد أمني مكثف.
ويرى محمد، الشاب العاطل عن العمل (22 عامًا)، أن “الانتخابات لن تغير شيئًا” في ظل استمرار الأزمات الاقتصادية والاجتماعية وارتفاع تكاليف المعيشة، معبرًا عن حالة من عدم الثقة الشعبية بمسار الانتخابات الراهن.
وتُظهر إحصاءات منظمة “هيومن رايتس ووتش” أن أكثر من 170 شخصًا يقبعون في السجون لدوافع سياسية أو لممارسة حقوقهم الأساسية في تونس، ما يعزز المخاوف من انزلاق البلاد نحو نظام استبدادي يقوّض المكتسبات الديمقراطية التي تحققت بعد ثورة 2011.
أ ف ب