أقلام بوست

التل يكتب : على مكتب دولة الرئيس .. مشكلة الإعلام الأردني ِ.. الفهم السطحي “1”

عمان بوست – بقلم بلال حسن التل

لأن الإعلام الاردني قضية مطروحة على طاولة النقاش الوطني عموما والحكومي على وجه الخصوص، بعد ان صار الإعلام مشكلة وطنية، واصبح من واجب كل من له علاقة بهذا الملف أن يدلو بدلوه للوصول إلى حل لهذه المشكلة، وعدم حصر حلها بلجان تجتمع خلف الأبواب المغلقة, بعضها شكل ممن لا علاقة مهنية لهم بالعمل الصحفي والإعلامي عموماً. او استلهام الحل من ايحاءات اجنبية، لاتعرف العقلبة والنفسية الاردنية، ولاتتعرف تاريخ الإعلام الاردنيِ.
طلب الحل ممن لا علاقة لهم ولا خبرة، ساهم في تحويل الإعلام منذ عقود إلى مشكلة مزمنة للدولة الأردنية, بعد أن كان أحد أهم أدواتها وأسلحتها, سواء في معركة البناء, عبر ترجمتة لمضامين خطط التنمية, وقبل ذلك في مجال بناء الرأي العام وتحشيده, حول مواقف الدولة, وشرح سياساتها,والدفاع عن ذلك كله أمام حملات التشكيك, فقد شكل الإعلام الأردني في مراحل سابقة سلاحاً من أسلحة الدولة الاردنية، ومكوناً من مكونات قوتها الناعمة, وكانت أجهزة الإعلام كتيبة أردنية متقدمة, تجسد بمقالاتها وتحليلاتها وأغانيها وبرامجها وتعليقاتها, الشخصية الوطنية الأردنية, وتحفظ الهوية الوطنية الأردنية, فلماذا تحول الإعلام إلى مشكلة للدولة الأردنية, نتحدث عنها منذ سنوات طويلة, ولا نستطيع حلها؟ وهل مشكلة الإعلام واستعصائها على الحل, هو جزء من مؤامرة إغراق الدولة الأردنية في أزمات ومراكمة هذه الازمات, ومن ثم تجريد الدولة من أسلحتها وأدواتها؟ في زمن تعزز فيه دور الإعلام كواحد من أهم مكونات قوة الدول في العصر الحديث. كما أن الإعلام جزءا أساسيا من التاريخ الوطني, ومصدر هام من مصادر توثيق هذا التاريخ.

قد يقول القائل أن من أسباب أزمة الإعلام الأردني, تراجع دور الإعلام التقليدي لحساب الإعلام الحديث, وهذا فهم سطحي للمشكلة, فالثورة في وسائل الإتصال أدخلت تطوراً في الأدوات, فدخل الفيسبوك والتوتير واليوتيوب في منافسة الراديو والتلفزيون, لكن مشكلة الإعلام الأردني الرئيسية ليست في الأدوات, لكنها في السياسات والمضامين والرسائل, التي يجب أن ينقلها, لقد رافق هذا التسطيح لمشكلة الإعلام, خلط بين إعلام الدولة, وما يحتاج إليه من مؤسسية ومهنية وثقافة, وقدرة على التحليل, وإحساس بالمسؤولية, وبين مواقع التواصل في معظم الاحيان، وما تحمله من خفة وجهل وتسرع, لذلك كان من جوانب التحدي الذي تواجهه الدولة هو ضبط أدوات التواصل الاجتماعي, من خلال تشريعات حازمة لحماية المجتمع من الجهل و المس بالكرامات و من اللإساءة والاغتيال المعنوي للشخصيات.

إن التذرع بأدوات التواصل الاجتماعي, كسبب من أسباب تراجع الإعلام الأردني, يقودنا إلى أحد أسباب هذا التراجع, وهي الخلط بالمفاهيم, وأول تجليات هذا الخلط تحول الإعلام إلى مجرد مشروع تجاري, صار الكثيرون من العاملين فيه لا يفرقون بين العمل الإعلامي المهني وبين العلاقات العامة والتسويق, حيث تزايد عدد الصحف والمواقع الالكترونية والفضائيات. والإذاعات العاملة في الأردن, دون أن تحمل الهوية الأردنية, بل صارت معظم هذه الوسائل تعمل على تشويه صورة الأردن, من خلال إبراز السلبيات وتعظيمها, كما صارت توظف لاغتيال الشخصية الوطنية الاردنية من خلال الاغتيال المعنوي لرموزها من الرجال والمؤسسات. بالاضافة الى اعتماد بعضها اسلوب الابتزاز للحصول على المال، وهو امر يقتضي اعادة النظر في أسس وشروط منح التراخيص لكل وسائل الإعلام.

ان تحول الإعلام إلى مفهوم تجاري إن جاز في الإعلام الخاص, فلا يحوز في الإعلام الرسمي, فدور الإعلام كسلاح من أسلحة الدولة, يجب أن يحميه من النظرة التجارية وحسابات الربح والخسارة ومفهوم الإرتزاق، وبالتالي لايجوز ان يتحدث مسؤول عن ارتفاع كلفة بناء إعلام أردني قوي ومهني. وللحديث صلة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى