عمان بوست – بقلم ميسر السردية
عمان بوست – كانت ترد عليّ جدتي كلما طلبت طلبًا – وأنا صغيرة – في غير استطاعتها أو أوانه، أو قلت من حقي كذا وكذا. “ليش على رأسك ريشة؟!” توقعت أن الحل يحتاج إلى ريشة فقط، فقررت حل مشكلة الريشة التي ستميزني وتقطع عليها سبيل اللاءات والممنوعات.
سألتني مندهشة، عندما رأتني على سفرة الغداء: “ولاك شو هذا اللي براسك؟” فقلت: “ريشة أخذتها من خم الدجاجات وضعتها في عصبة على رأسي… وما بحبش الكوسا وبدي بطاطا مقلية”. وهذه الريشة… “برضو كنت عيل”.
يحكى في المرويات الشعبية أن أصل قصة المثل “على رأسه ريشة” تعود إلى أن لصًا سرق دجاجة، فذهب صاحب الدجاجة للقاضي حتى يحدد السارق من بين المشتبه فيهم، فقال القاضي: “هذا أمر سهل، فمن سرقها توجد ريشة على رأسه”. وبالطبع لم يتحسس أحد رأسه سوى اللص.
مع الزمن صار يُضرب المثل “كناية عن الشخص الذي تتم معاملته بصورة أفضل من الآخرين من دون سبب واضح”. في وقتنا الحالي، صرنا نستطيع أن نعرف السبب الواضح لتمييز من “على رأسه ريشة” في شتى المجالات، ففي المقاولات “غيره ما خلق الله”، وفي تجارة اللحمة أو السيارات ريشته منتصبة، وفي الإعلام والسياسة لا تنحيه ريشة، وفي شغل الوظائف “أنقطع وصفه”الأخ.
دعنا من كل من سبق نتف ريشهم، ولنركز مع المخلوق الجديد، والذي بدأ يظهر في الآونة الأخيرة” كل مادق الكوز بالجرة” معتبرًا نفسه من ذوي الريشة أيضًا، وهذا يبعث على السخرية والبؤس معًا. فإذا تجرأت “وشربت حليب سباع” وخالفته برأي أو وجهة نظر أو تقدير موقف، نط في وجهك، مطالبًا بمحاسبتك مهددًا، مثًلا باسقاط جنسيتك، على اعتبار أنك للتو جئتَه منفيًا من مجاهل قبائل الزولو”. يتضح أن عقله “الريشي” صور له أن الريش ينمو فوق الرؤوس الخفيفة… فصار يهش بها في وجه كل من يعيشون في حارته، بلا ريش ولا حتى بغشيش. استهدي بالله.
