فراعنة يكتب : تخبط نتنياهو ومستعمرته

عمان بوست – بقلم الكاتب السياسي حمادة فراعنة
لم يخرج نتنياهو من قضية الفساد، وتلقيه الرشوة، وقضية الغواصات الألمانية، ولا يزال حيث يتعرض للمحاكمة على خلفية تورطه في تحقيق مكاسب مالية وعينية وضيعة.
تورط في عملية تمرير الأموال القطرية إلى حركة حماس طوال سبعة عشر عاماً، منذ قرار «حسمها العسكري» في حزيران 2007، وسيطرتها المنفردة على قطاع غزة، فصد منتقديه، من داخل الليكود بقوله:
«من منكم ضد إقامة دولة فلسطينية، من منكم مع استمرار الانقسام الفلسطيني، ليقف معي لتمرير الأموال إلى حركة حماس»، وأخرسهم برده السياسي المفحم.
تبين لاحقاً، بفعل مراقبة وتدقيق المخابرات ورئيسها الذي عمل نتنياهو على إقالته وإبعاده، رونين بار، أن الأموال القطرية لا تذهب إلى حركة حماس فقط، بل تُقدم بنفس الوقت للعاملين في مكتب نتنياهو وخاصة:
1 – مستشاره يونتان أوريخ.
2 – الناطق بلسان مكتبه إيلي فيلد شتاين.
وتم حجزهما وتوقيفهما من قبل الشرطة على خلفية التهم الموجهة لهما وملخصها:
1 – الاتصال بعميل أجنبي، 2- تسريب معلومات سرية، 3- أخذ رشوة، 4- تبييض أموال، 5- مخالفات الغش وسوء الائتمان.
انحياز نتنياهو لهما والدفاع عنهما، لا يعود لأنهما يحظيان بثقته وحسب، بل لشكوك الأجهزة الأمنية أن نتنياهو قد يكون شريكاً متورطاً معهما، حيث تلقيا ملايين الدولارات، ولهذا يعمل على إخراجهما وعدم تقديمهما للمحاكمة.
نتنياهو لم يخرج من هذه الورطات المتراكمة حتى يقع في الورطة المزدوجة في إقالة مدير المخابرات رونين بار، حيث لم يتمكن إلى الآن من إقالته بسبب دحض القرار من قبل المستشارة القانونية غالي بهاراف ميارا فعمل على إقالتها أيضاً، وقام بتعيين اللواء إيلي شاربين قائد سلاح البحرية السابق، وتراجع عنه بعد أقل من أربعة وعشرين ساعة، على خلفية عدم الكفاءة، أو عدم المهنية.
القضية الكبرى التي ما زال عالقاً بها، ومتورطاً بتداعياتها هي: عملية «طوفان الأقصى»، منذ 7 أكتوبر 2023، إلى اليوم، فقد أخفقت المستعمرة وجيشها وأجهزتها الأمنية في اكتشاف استعدادات حركة حماس للعملية غير المسبوقة، المحبوكة بذكاء وحنكة وشجاعة، وشكلت مفاجأة لمجمل مكونات المجتمع الإسرائيلي بدءًا من الحكومة، مروراً بالجيش، وليس انتهاءً بالأجهزة الأمنية الثلاثة: الموساد والشباك وأمان.
ردة الفعل الإسرائيلية عنيفة، حادة، شرسة، متطرفة، غير مسبوقة بقسوتها ضد الشعب العربي الفلسطيني عبر القتل للمدنيين: استشهاد أكثر من خمسين ألفاً، وإصابة ضعفهم لأكثر من مئة ألف جريح ومعطوب وفاقد للأطراف، وتدمير ثلثي بيوت ومؤسسات قطاع غزة، ومع ذلك وقع نتنياهو وحكومته والجيش والأجهزة الأمنية في الإخفاق والفشل، رغم الاجتياح العسكري لكامل قطاع غزة، فقد فشل في تحقيق أهداف الحرب:
1 – إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين، بدون عملية تبادل.
2 – إنهاء المقاومة الفلسطينية وتصفيتها.
3 – طرد وتشريد أهالي قطاع غزة إلى خارج فلسطين، سواء بالخيار الإجباري أو الطوعي.
ولذلك رضخ لاتفاق وقف إطلاق النار يوم 8 كانون ثاني يناير 2025، بعد أشهر طويلة، لم يتمكن خلالها من تحقيق أهداف الحرب، ضد قطاع غزة، وضد المقاومة الفلسطينية وصمودها، مع أن أجهزة المستعمرة تمكنت من اغتيال أغلبية قيادات المقاومة السياسية والعسكرية.
وها هو يعود إلى خيار الحرب مرة أخرى منذ 18 آذار مارس 2025، إلى الآن، بعد أن أقال أو غير أو استقال: وزير الدفاع، قائد الجيش، رئيس الموساد، رئيس أمان، وعمل على إقالة رئيس المخابرات رونين بار، ولكنه لم يتمكن إلى الآن، لأن المستشارة القضائية عطّلت القرار، فأصدر قراراً بإقالتها أيضاً.
وهكذا لا يخرج من ورطة حتى يقع بغيرها، مما خلق حالة من الإرباك والتشظي لدى مجمل مؤسسات المستعمرة وأجهزتها ومجتمعها، واحتجاجات شوارعها على خلفية المطالبة بالتوصل إلى اتفاق إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين، ووقف الحرب على قطاع غزة.