أقلام بوست

فراعنة يكتب : وقعته سودة

عمان بوست – بقلم الكاتب السياسي حمادة فراعنة

خمس وعشرون ملاحظة سجلها رونين بار مدير المخابرات العامة الإسرائيلية الشاباك، على أداء نتنياهو، بعد أن اتخذ قرار إقالته من رئاسة الجهاز، الأقوى لدى المستعمرة في مواجهة الفلسطينيين والعرب وكافة أعداء المستعمرة، إلى جانب جهازي الأمن الخارجي الموساد، والاستخبارات العسكرية التابعة للجيش أمان.
خمسة وعشرون عنواناً سجلها مدير مخابرات المستعمرة على أداء نتنياهو، كاشفاً ألاعيبه، وخبثه، ومكره، في المؤامرات، والدسائس بهدف البقاء على سدة إدارة المستعمرة وحكومتها، التي تُعتبر من أكثر الحكومات تطرفاً منذ قيامها التعسفي غير العادل عام 1948، وتواجه معركة غير مسبوقة في فعلها وقوتها وتأثيرها، وغير مسبوقة بقوة ردة فعل قوات المستعمرة وهمجيتها وشراستها وفاشيتها وعنفها ضد الشعب الفلسطيني بهدف تحقيق غرضين: الأول قتل أكبر عدد من المدنيين، والثاني دفعهم نحو الرحيل واللجوء عن فلسطين، إلى أي مكان، ولو كان إلى الجحيم وفق وصف وزير حربهم الإمعة إسرائيل كاتس الذي جلبه نتنياهو مع رئيس الأركان الجديد إيال زامير، بهدف مواصلة الحرب، بعد قرار وتوجه الوزير السابق يؤاف جالنت ورئيس الأركان السابق هيرتسي هاليفي، اللذين وصلا إلى قناعة مفادها أنه لم يعد في قطاع غزة هدف استراتيجي يمكن تحقيقه بعد القتل والدمار والاغتيالات التي نفذها الجيش ضد المدنيين وقادة وقواعد فصائل المقاومة الفلسطينية.
تطرق رونين بار في إفادته العلنية أمام المحكمة العليا الإسرائيلية، إلى القضايا أو العناوين الخلافية التي وقعت بينه وبين نتنياهو وهي: 1- إقالته من فريق التفاوض، 2- محاكمة نتنياهو في قضايا الفساد، 3- المظاهرات التي يقوم بها الإسرائيليون ضد الحكومة، 4- التحقيقات الجنائية المتهم بها نتنياهو، مؤكداً أنه سيتلو تفاصيلها في إفادته السرية أمام المحكمة، نظراً لحساسية الموضوعات وتأثيرها وسريتها.
لقد سعى نتنياهو عبر ما قاله رونين بار توظيف المخابرات لصالحه الشخصي، حتى يتهرب من قضايا الفساد وشطبها، وحتى لا تواصل المحكمة محاكمته على القضايا الجنائية التي تورط بها وفيها، ومطالبته له: كشف الذين يقودون المظاهرات ضد حكومته، سعياً لمحاسبتهم أو توجيه الأذى لهم وإتهامهم بأي تورط، بما يعكس حجم الأنانية والذاتية وتسخير قدرات وامكانات ونفوذ مؤسسات المستعمرة الاستخبارية له، وأبرز ما فعله أنه أقال وزير الجيش، ورئيس الأركان، وغير مدراء الموساد وأمان، وأقال رونين بار نفسه، الذي لجأ إلى المحكمة، رافضاً حجة نتنياهو أن إقالته تعود إلى عدم الثقة بينهما، رغم غياب أي سبب قانوني يقف وراء تنحيه رونين بار كما قال في إفادته العلنية أمام المحكمة.
الجموح والتطرف والتصادم الداخلي وعدم التوافق بين مؤسسسات صنع القرار لدى مؤسسات المستعمرة أمراض تتسع، وتجتاح المشروع الاستعماري التوسعي الإسرائيلي، الذي يجد تنفيس أحقاده وعنصريته في القتل والتدمير للشعب الفلسطيني أولاً وإلى لبنان وسوريا ثانياً، وإلى كل الأطراف العربية التي يجد فيها الرفض والصد، وهي لدى كافة الشعوب العربية والإسلامية، ولدى قوى التحرر والديمقراطية والإنسانية في العالم، وإذا كانت الولايات المتحدة مازالت هي الضامنة والحامية والداعمة فهي لن تبقى كذلك، ومظاهرها في الجامعات الأميركية دالة واضحة على المستقبل الرافض لمواصلة دعم المستعمرة وتبنيها.
مظاهر الخلاف والتبايبن والتعارض بين قادة المستعمرة ومؤسساتها، لا تعني أنها على أبواب الانهيار، ولكنها مقدمات مرضية يجب التدقيق بها ومتابعتها، ولا تعكس مظاهر التعارض الديمقراطي الطبيعي بين الاتجاهات المختلفة حزبياً وسياسياً، ولكنها تمس تماسك المستعمرة، ووحدة توجهاتها، وعمق مفاسدها وأمراضها الداخلية، وانعكاس ذلك على مستقبلها ومسارها.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى