أقلام بوست

فراعنة يكتب – هجوم المستعمرة على إيران

عمان بوست – بقلم الكاتب السياسي حمادة فراعنة

صحيح أن هجوم المستعمرة على إيران، هجوم دولة على دولة، بامتياز وقوة وتصميم مسبق، وتخطيط محكم، وتحقيق نتائج، وسيدخل يوم الجمعة 13 حزيران يونيو 2025، كيوم تاريخي في العالم العسكري والنشاط القتالي، في التخطيط والتنفيذ.
ولكنه في في السلوك، والمعنى، والهدف، وفرض النتائج، بلطجة، قرصنة، قطاع طرق، يعملون على الاستيلاء، فرض الهيمنة، والمس بحقوق الآخرين، وتصغيرهم، والتطاول على السيادة، وممارسة الاغتيال، إعطاء الحق للنفس، وحرمان الآخر منه.
ما زالت المستعمرة صاحبة المبادرة في الهجوم والاعتداء وعنوان الحرب والتوتر والاحتقان: مبادرة الحركة الصهيونية كحركة استعمارية وليدة حليفة الاستعمار التوسعي التقليدي القديم، انتزاع وعد بلفور من الاستعمار البريطاني في إقامة المستعمرة على أرض فلسطين نتيجة الحرب العالمية الأولى 1917، قيام المستعمرة على أرض فلسطين عام 1948 نتيجة الحرب العالمية الثانية وانتصار الحلفاء عام 1945، الهجوم الثلاثي على مصر عام 1956 من قبل المستعمرة مع بريطانيا وفرنسا، احتلال أراضي ثلاثة بلدان عربية واستكمال احتلال كامل خارطة فلسطين 1967، اجتياح الاراضي اللبنانية واحتلال العاصمة بيروت عام 1982، فرض التطبيع وانتزاع الشرعية بفعل نتائج الحرب الباردة 1990، على خلفية هزيمة الشيوعية والاشتراكية والاتحاد السوفيتي وانتصار الولايات المتحدة وفرض عقد مؤتمر مدريد الدولي عام 1991 ونتائجه، واخيرا وليس آخرا: تدمير قدرات المقاومة الفلسطينية، وحزب الله، والجيش السوري، بعد عملية أكتوبر 2023 ، تمهيداً لهجوم المستعمرة يوم الجمعة 13/6/2025.
تاريخ المستعمرة، تاريخ عسكري هجومي، تدمير للآخرين، للعرب أولاً، للمسلمين ثانياً، سواء اتفقنا مع هذا الطرف أو ذاك، ولكن المستعمرة تعمل وتخطط وتنفذ برنامجها لتكون هي مالكة السيطرة، الهيمنة، النفوذ، واخضاع العرب كل العرب، على كامل جغرافيا عالمنا العربي، وتبقى هي العنوان القادر على فرض القرار وصاحبته، وعلى الآخرين الخضوع والرضوخ والتكيف مع هيمنة المستعمرة وتمددها.
إيران اليوم بعد الهجوم والتدمير والاغتيال، لا خيار لها سوى الرد «المزلزل» الذي كانت تتحدث عنه، أو الرضوخ والاستسلام، إن كان بشكل مباشر، أو غير مباشر، وأن يكون ردها في الوقت الملائم المناسب، فتقبل بالوساطات والمفاوضات، تحت حجة الاستعداد وتعويض الخسائر.
المستعمرة ستبقى الأقوى المسيطرة المتطرفة العدوانية، ولكنها لن تملك قدرات بريطانيا العظمى التي لم تكن تغيب الشمس عن مستعمراتها ونفوذها، ولن تملك قدرات الاتحاد السوفيتي الذي انهار، ولن تملك قدرات الولايات المتحدة التي اندحرت وهُزمت في الفيتنام، و أفغانستان.
المستعمرة صاحبة مبادرة استباقية، تعمل على تدمير الآخر قبل أن يقف على رجليه، ولكن هذه المعطيات لن تبقيها القوي المستبد المستمر إلى الأبد.
لقد تمكنت في إيران ما لم تتمكن من فعله سابقاً ، من تدمير واغتيال القيادات، ولكنه شبيه بما فعلته مع حزب الله، كواقع تجربة وعمل وهدف، وفي كل الأحوال كانت ولا تزال تملك المبادرة يُساعدها في ذلك قدرات الولايات المتحدة التكنولوجية التجسسية و مساعداتها، ولهذا تستطيع قيادات المستعمرة العسكرية والأمنية والسياسية أن تحتفي بما فعلته، ولكنها فعلت الإصرار على العدوان والبلطجة والقرصنة والتسلط، وهذا لن يدوم لها إلى الأبد.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى