الخطيب يكتب: من الميدان إلى الوجدان… الأمن العام قصة انتماء ومسؤولية”

عمان بوست – بقلم محمد جميل الخطيب

في خضمّ التحديات الإقليمية والتغيرات الاجتماعية والاقتصادية المتسارعة، يبرز جهاز الأمن العام الأردني بوصفه أحد أعمدة الاستقرار في الدولة، ومؤسسة وطنية متجذّرة في ضمير الأردنيين، تحظى باحترام واسع وثقة راسخة.

منذ تأسيسه، لم يكن الأمن العام مجرّد جهاز أمني يُعنى بتطبيق القانون فحسب، بل كان ولا يزال شريكا فاعلا في حفظ السلم المجتمعي، وحاميا لقيم الدولة، ودرعا منيعا في وجه كل ما يهدد أمن الوطن والمواطن.

إن ما يميز الأمن العام الأردني ليس فقط كفاءته في التعامل مع الملفات الأمنية، بل الاحترافية العالية والانضباط المؤسسي والتطور المتواصل في البنية والنهج، سواء من حيث العنصر البشري المؤهل أو التكنولوجيا الأمنية المستخدمة.

وقد شهدنا في السنوات الأخيرة خطوات نوعية قادها الأمن العام، بتوجيهات ملكية سامية تعبّر عن رؤية جلالة الملك عبدالله الثاني في تحديث المنظومة الأمنية وتعزيز كفاءتها، حيث تم دمج عدد من الأجهزة الأمنية تحت مظلة واحدة، ضمن رؤية إصلاحية متقدمة تهدف إلى رفع مستوى التنسيق وتوحيد الجهود وتقديم خدمة أمنية أكثر تكاملا وفاعلية. هذه الخطوة تؤكد أن الأمن في الأردن ليس مجرد وظيفة، بل رسالة شاملة تتقاطع مع العدالة، والخدمة، والتنمية، بما يحقق أمن المواطن ويحفظ استقرار الوطن في آنٍ واحد.

ولا يمكن الحديث عن الأمن العام دون التوقف عند مفهوم الأمن المجتمعي الذي تبنّته المديرية كأحد محاور عملها الأساسية. فالعلاقة بين رجل الأمن والمواطن لم تعد قائمة فقط على فرض النظام، بل على الشراكة في حماية المجتمع، والتفاعل مع احتياجاته، والاستجابة لبلاغاته وشكاواه بروح المسؤولية.

وفي هذا الإطار، يُعد الإعلام الأمني أحد الأدوات المحورية في تعزيز هذه الشراكة. فقد تطوّر الإعلام الأمني في الأردن ليصبح أكثر مهنية وفعالية، متجاوزا المفهوم التقليدي لنقل الأخبار، نحو دور استراتيجي في التوعية، ودرء الشائعات، وتوضيح الحقائق بشفافية. الإعلام الأمني اليوم يُسهم في بناء الثقة بين المواطن والمؤسسة، ويعزز من حضور الأمن العام في وجدان الناس، لا كجهاز رقابي، بل كحامٍ وشريك في خدمة الوطن.

كما أن تعزيز دور المرأة في جهاز الأمن العام شكّل نقلة نوعية في مسيرة المؤسسة، حيث أصبحت المرأة الأردنية اليوم جزءا فاعلا في الصفوف الأمامية للشرطة، والتحقيق، والمجالات الجنائية والإدارية، مساهمة بكفاءة عالية في مختلف التخصصات.

وإلى جانب الدور الأمني، لا يغفل الأمن العام عن دوره الإنساني والاجتماعي، من خلال مبادرات الدعم المجتمعي، وحملات التوعية، وبرامج الإصلاح الأسري والتوجيه السلوكي، مما جعل المؤسسة أقرب إلى الناس وأكثر تأثيرا في بناء منظومة الأمان الشامل.

ورغم ما يواجهه الجهاز من تحديات وضغوط، خاصة في ظل التحديات الإقليمية والملفات المعقدة المرتبطة باللاجئين والجريمة الإلكترونية والمخدرات، إلا أن الأداء الميداني والقدرة على التكيّف مع المتغيرات، تُثبت أن الأمن العام يقف على أرض صلبة، بخبرته، وقيادته، وانتمائه الصادق لتراب الأردن.

ختامًا، الأمن ليس شعارا يُرفع، بل مسؤولية تُمارَس. والأمن العام الأردني هو نموذج حيّ لمؤسسة تحفظ هيبة الدولة، وتحمي كرامة المواطن، وتعمل في صمت، بكفاءةٍ مشهودة، وإخلاصٍ لا يُقاس بالكلمات، بل بالفعل والتضحيات.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى