فراعنة يكتب : للمرة الثالثة وقف الحرب الهمجية على غزة

عمان بوست – بقلم الكاتب السياسي حمادة فراعنة

بكل وعي وثقة ومصلحة، وبدون تحفظ وشجاعة، وافقت حركة حماس على مبادرة ستيف ويتكوف المبعوث الأميركي، الهادفة الى وقف إطلاق نار مؤقت في قطاع غزة.
الوسطاء مصر وقطر بذلوا جهوداً مضاعفة من أجل الوصول إلى هذا المسعى المهم.
حركة حماس حصلت على موافقة الفصائل الفلسطينية بعد لقاء قياداتها بالقاهرة، وتوصلوا جميعاً لدعم هذا القرار.
مبادرة ويتكوف الأميركي تتضمن وقف إطلاق نار مؤقت لمدة شهرين، يتم خلالها: 1- إدخال المساعدات الغذائية والعلاجية إلى قطاع غزة، 2- تبادل أسرى، عشرة أحياء من الإسرائيليين و 18 جثة، مقابل إطلاق سراح أسرى فلسطينيين، 3- تجري مفاوضات خلال الشهرين من أجل وقف إطلاق نار كامل وشامل.
حماس لها مصلحة في وقف إطلاق النار لعدة أسباب:
1 – يتم وقف اغتيال قياداتها الميدانية، وإيقاف قصف قواعدها القتالية وعدم تصفيتهم، بعد اغتيال قياداتها العسكرية والأمنية والسياسية.
2 – يتم وقف عمليات القتل والتدمير للمدنيين الفلسطينيين، ووقف إجراءات التجويع والعطش، وعودة الحياة المفقودة لهم، وهم الحاضنة لولادة المقاومة واستمراريتها.
3 – يعزز من مكانتها كطرف سياسي مقرر على الأرض، ومعترف به بشكل غير مباشر كمفاوض رئيسي أمام الأميركيين والإسرائيليين، له دور سياسي ومكانة مقررة.
حكومة المستعمرة، ونتنياهو، الذي لا مصلحة له بوقف إطلاق، يعمل على استمراريتها، يتحجج أن «رضوخ» حماس في قبول المقترح الأميركي يعود بسبب حصارها وضعفها وخشيتها من اجتياح مدينة غزة واحتلالها، وبذلك يُبرر قبوله للاقتراح الأميركي، قبول حماس له، ولكن ذلك ليس دقيقاً، فهو يتهرب من رضوخه لقرار وقف إطلاق النار، رغم عدم رغبته في ذلك، ولا مصلحة له به، ولكنه رضخ وقبل نزولاً عند الطلب الأميركي.
عوامل أخرى دفعت نتنياهو للإذعان لطلب واشنطن، تتمثل بما يلي:
1 – احتجاجات عائلات الأسرى الإسرائيليين المطالبين بوقف إطلاق النار، واجراء عملية تبادل للاسرى، واتسعت مظاهراتهم واحتجاجاتهم حتى وصلت إلى 400 ألف متظاهر يوم الاحد 17 آب أغسطس، شملت المدن الفلسطينية حيفا في الشمال، تل أبيب في الوسط، و بئر السبع في الجنوب.
2 – قرار قيادة الجيش التي تقول: لم يعد هناك هدف استراتيجي يمكن تحقيقه في مواصلة الحرب، واحتلال قطاع غزة.
3 – الاحتجاجات التي اجتاحت العواصم الأوروبية، وتوجهات قياداتها المطالبة بوقف الحرب والجرائم الإسرائيلية، إضافة إلى هذه العوامل، فشل نتنياهو في تحقيق أهداف الحرب وهي:
1 – لم يتمكن من تصفية المقاومة الفلسطينية التي ما زالت صامدة، وقادرة على توجيه ضربات موجعة متقطعة لقوات الاحتلال.
2 – رغم احتلاله لكامل قطاع غزة، ولكنه لم يتمكن من معرفة أماكن الأسرى الإسرائيليين، و عدم إطلاق سراحهم بدون عملية تبادل.
3 – فشل في طرد وتشريد الفلسطينيين من قطاع غزة إلى سيناء أو إلى أي مكان آخر في العالم، بل ما زال شعب فلسطين صامداً متشبثاً بأرض وطنه، رغم القتل والتدمير والتجويع الذي يتعرضون له.
ثمة عامل يجب الانتباه له، وهو قبول واشنطن وتل أبيب لإجراء المفاوضات مع حركة حماس، ومحاولة التوصل معها إلى اتفاق غير مباشر عبر الوسطاء، وهذا اتفاق يتم للمرة الثالثة: الأول في شهر تشرين الثاني 2023، والثاني في شهر كانون ثاني يناير 2025، وهذا الاتفاق الثالث، بهدف وقف إطلاق النار، عبر مفاوضات مع حماس والاتفاق معها، وهذا توجه اميركي اسرائيلي غير معلن، يُعزز من الانقسام الفلسطيني، بين فتح وحماس، بين سلطتي رام الله وغزة، مما يؤكد الإصرار على وجود طرفين فلسطينيين، وليس الطرف الذي يمثل الشعب الفلسطيني رسمياً: منظمة التحرير الفلسطينية، وسلطتها الوطنية.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى