المجالي يكتب:مازن …فتى حوشا

عمان بوست – بقلم عبدالهادي راجي المجالي
مازن القاضي حسم المشهد قبل أن يبدأ السباق ، سيكون هو رئيس مجلس النواب القادم …ماذا يعني ذلك ؟ مازن هو الوحيد الذي خرج من المؤسسة الأمنية والسياسية دون أية زوبعة خلفه ، لم يتورط بشيء أبدا …التحف صمته ومضى في العمر ، والأهم أنه ظل مستقلا في الفكرة والرأي ..وسأشرح ذلك فيما بعد .
أعود إلى السؤال ..ماذا يعني ذلك ؟ …الفارق بين صاحب الخلفية السياسية وصاحب الخلفية الأمنية في المشهد ، هو : أن صاحب الخلفية السياسية من السهل أن يقاد ، من السهل أن يملى عليه ، ومن السهل أن يلبي رغبة المؤسسات …بالمقابل صاحب الخلفية الأمنية ، قلبه هو البوصلة …والصدام معه يحتاج لألف حساب ، والأهم أن الرجل يفهم معنى حماية القرار السياسي أمنيا ، ويفهم معنى استقلال القرار أيضا .
مازن القاضي الجنرال ، لم يتورط (بالنطنطة) على الفضائيات كما فعل البعض ، لم يتورط بدحش الصحف بمقالات يكتبها اساتذة أدب عربي في كليات مجتمع مغمورة ، احترم الزمن والرتبة ، واحترم القرارات التي كان يتخذها ، والأهم أنه ظل البدوي الرصين الذي صان ماضيه ، صحيح هو من الزعامات العشائرية الوازنة ، لكنه في ذات الوقت من ورثة الزهد والأخلاق والحكمة .
أظن أن الرجل سيكون البداية لتغييرات جذرية في مواقع الدولة ، ولكن السؤال هل يدرك النواب ماذا في عقله الان ؟ الملف الأول سيكون استقلالية المجلس ، ربما استقلالية نسبية ولكن سيلحظ الجميع أن المجلس يسير في طريق مختلف عن السابق ، الملف الثاني ندية العلاقة مع المؤسسات ، والأمر الأهم من كل ذلك …هو إعادة إنتاج الشخصية الأردنية الجديدة عبر هذا الموقع ، اختياره جاء على أسس منها : أنه لايحمل أجندة خارج أسوار المجلس ، وأنه التعبير الدقيق عن مشروع الزعامة في السياسة والعشيرة ، والأمر الأهم من كل ذلك ..أنه سيكون تعبيرا صادقا عن صرامة المسؤول وقدرته على قيادة المؤسسات في الأردن .
هل قلت إعادة انتاج الشخصية الأردنية ، نعم وأقصد الشخصية الرصينة التي يحترمها المجتمع ، والشخصية التي تدرجت في الموقع بقوى الدفع الذاتي وليس بعلاقات النسب أو المصاهرة أو توصية مراكز القوى ، أو المال .
الباشا لم يتورط بالثرثرة على منابر الخواء ، ظل البسيط والطيب الذي يتحدث في اخر الجلسة ، ويختصر المشهد بأقل تعبير ، ولكن بالإيقاع الصائب …
على النواب أن يدركوا الان ، أن إعادة الإعتبار للحياة التشريعية ..لا يتم عبر الهروب من المواجهة ، ولا عبر التماهي التام مع السلطة التنفيذية ، ولا عبر البحث وظائف لقواعدهم ، ولا عبر المكسب أو الصخب ، أو محاولة تصنيف البعض تحت خانة ضد أو مع …الجميع – بما فيهم – (الإسلاميون) مع الوطن ، والجميع تحت راية الملك ، والجميع يؤمن بالأردن مصيرا وقدرا ونهجا ، وأجمل مستقر …لكن بالمقابل على الجميع أن يدرك ، أن من جعل المجلس في لحظة ما من عمر الوطن رخوا وتابعا هم النواب أنفسهم ، ومن جعله يترنح على باب الحكومات هم النواب أنفسهم .
أظن أن الباشا سينجح في إعطاء تعريف جديد لمعنى الشخصية الأردنية في إطار العمل النيابي ، ويحتاج من النواب أن يفهموا …أن من يريد أن يكون حرا وسيدا ومعبرا عن ضمير الناس ، له كل المساحات ..ومن يريد أن يتلوى على شاشات القنوات الممهورة (بالمذهب الليبرالي النخبوي) ، يستطيع التلوي …
مازن القاضي ، حين تسأل أي أردني عنه يقول لك : ( الباشا زلمة) ..حسنا ، هو من صنع (زلوميته) بيده ، من ملازم في الأمن إلى فريق ووزير ونائب ، هو من خط طريقه وحده ، هو من أنتج شخصيته المستقلة الرصينة ، في إطار عالم يتبارز فيه الجنرالات على الشاشات وأوراق الصحف ..
هل وصلت الرسالة ، أتمنى ذلك .
عبدالهادي راجي