وائل منسي يكتب: غلطة “الشاطر” بعشرة والبيانات المتناقضة
عمان بوست – لعل زهو الفوز بالانتخابات باكتساح الذي فاجأ الحركة الإسلامية تفسها كما فاجأت الدولة والقوى السياسية الأخرى، قد جعلها تتعثر في بياناتها المتناقضة، فالبيان الأول الصادر عن جبهة العمل الاسلامي تحدث على أن الشهيدين من أبناء الحركة، وفيه إيحاء – قد يكون مغلوطا – أن الجبهة تتبنى العملية.
ثم بعد ساعات صدر بيان آخر من جماعة الإخوان المسلمين يعترف أنهما من أبناء الحركة، لكن صرحت أنها عملية فردية.
وبعدها وحسب قناة المملكة على لسان الأمين العام لجبهة العمل الإسلامي أنهما ليسو أعضاء في الحركة.
وأيضا على برنامج نبض البلد على قناة رؤيا في مقابلة مع العين محمد داوودية والنائب عن جبهة العمل الاسلامي محمد عقل لم يستطع النائب عقل أن يصرح أن الشهيدين من الحركة أم لا.
وكما قيل في المقابلة يبدو أن هناك مراكز قوى داخل الحركة، إحداها متشدد والآخر عقلاني وراشد.
فالأردن بجميع مكوناته يقف مع القضية الفلسطينية ومن القاعدة إلى القمة يبذلون ما في وسعهم من دعم ومساندة للشعب الفلسطيني عمليا ودبلموماسيا، ولا تحتكر الحركة الإسلامية هذا الأمر.
حيث أثارت هذه البيانات المتناقضة جدلا في الشارع الأردني ولدى مطبخ القرار؛ ما بين أن هذا الخطاب الجديد يعد تحولا خطيرا ببداية توجه للعسكرة الحزبية أو أنها خطيئة سياسية تستوجب حل الحزب، أو الاستجابة لبعض طلبات الدول المحيطة، بإعلان الأردن أن الحركة الإسلامية حركة ” إرهابية “، وبين من يبرر الخطأ ويبرر هذه البيانات المتناقضة، وبين من يدعم موقف الجبهة والجماعة.
وقد يستغله الكيان -وهم بارعون – أسوأ استغلال للإساءة للأردن، واتخاذ إجراءات على الأرض أقلها بناؤهم جدار عازل على الحدود الأردنية مع فلسطين التاريخية.
لكن أرى أن لا يتم تضخيم الأمر ووضعه في إطاره الموضوعي، نعم هم اخطأوا أقلها في تناقض الخطابات.
وهي درس لبعض قياداتهم بأن يترووا في اندفاعهم غير محسوب العواقب.
وهنا أشير إلى تأثير العوامل الاقتصادية والسياسية على الأمن القومي الأردني، والمحيط الملتهب، إضافة إلى الخطر الصهيوني العنصري والديني المتطرف في أسوأ وأخطر حكومة في تاريخ الكيان الاسرائيلي، والذي لا يعترف بوجود شعب على أرض فلسطين، وينتهك كل بوم حقوق الشعب الفلسطيني ويمارس الإبادة الجماعية وبقسوة ووحشية، وينتهك يوميا الوصاية الأردنية على المقدسات الاسلامية والمسيحية في القدس، ويريد منذ مائة عام ضم الأردن وأجزاء من السعودية وسوريا ومصر إلى الحظيرة الصهيونية وصولا إلى ما بين النيل والفرات كمملكة اسرائيل الكبرى.
وفي ظل هذا المشهد والإطار العام وتشخيصه وتحليله فإنه نستنتج أن الدولة تواجه تحديات حقيقية خطيرة، وهناك مسارين ونهجين على الدولة الاختيار بينهما: منهج العسكرة والمقاربات الامنية وتعزيز وتشديد القبضة الأمنية وتقييد الحريات وإعادة فرض الأحكام العرفية “وهذا السيناريو لا يقبله النظام ولا القوى السياسية ولا المجتمع” ، وبين السير باستكمال الإصلاحات السياسية والاقتصادية والإدارية وتوسيع المشاركة السياسية والانتقال الآمن والسلس للتحول الديمقراطي الكامل، دون منغصات، اعتمادا على وجود بيئة ملائمة لحياة ديمقراطية قوامها أحزاب فاعلة مستقبلا، ذات هويات وتيارات واضحة وقوية تتنافس فيما بينها على أسس فكرية وفلسفية وبرامجية ولها قواعد اجتماعية وجماهيرية فاعلة وحيوية تتفاعل مع هذه الأحزاب وبرامجها.
ويجب أن ينتبه هؤلاء السياسيين المزهوين حتى لا تتزعزع الثقة بهم مستقبلا.
فلذلك وفي الوقت نفسه على الدولة أن تفكر جديا بوضع حدود منظمة لعسكرة خطاب الأحزاب، حتى لا تربك خطط الدولة وبرامجها وحتى لا ترسل رسائل عكسية للمجتمع، وايضا يجب أن تعمل على عقلنتها وإدماجها في أولويات الدولة ورؤيتها لعملية الإصلاح السياسي والإداري والإقتصادي، لانتقال سلس وآمن للوصول إلى ديمقراطية حقيقية كاملة.