أقلام بوست

الخواجا يكتب : أضحى بالحق

عمان بوست – بقلم د. ماجد الخواجا
لبيك اللهم لبيك.. لبيك لا شريك لك لبيك.. كلمات تتردد في القلوب قبل الألسنة منذ 1444 سنة مرت على المسلمين، الحج سيرة إيمانية يسعى المسلم إلى أدائها، ويخطط لها منذ بدايات حياته، يريد أن تكون خاتمة تتطهر فيها النفس من شوائب الحياة والقصور في بعض جوانبها. الحج أكبر تجمّع بشري على الأرض ليس فقط عديداً وإنما تنوعاً بشرياً هائلاً يكاد يجتمع فيه من كافة الجماعات والمجتمعات الإنسانية، فيه تجد الأمم المتحدة بحقيقتها مجتمعةً على صعيد واحد ملبيةً نداء خالداً.
ها هو الأضحى الثاني الذي يجيء وغزة تنوء تحت أفظع ظلم وقهر وعدوان، غزة التي تئن منذ أكثر من 600 يوم تحت القصف العشوائي المتواصل الذي أباد الزرع والضرع، الشجر والحجر والبشر. لا نبالغ إذا قلنا أن طعم كثير من الأشياء قد تغيّر، فالفرح أصبح باهتاً يخجل المرء من الإعلان عنه، وإذا ظهر على محيّاه، فهو بلا بريق وبلا ملامح معبّرة. لقد افتقدنا للكثير من العادات والاعتيادات، تلك الأشياء الصغيرة التي كانت تستدعي ضحكة هنا وابتسامة هناك، لم تعد تمارس ذات الدور.
يأتي عيد الحج الأكبر مع ذكرى النكسة العربية في الخامس من حزيران عام 1967 التي مر عليها 58 عاما وما زلنا نخرج من هزيمة الى نكبة .. كانت ملخصها أنها هزيمة بلا حرب .
هو الأضحى العيد الكبير الذي ربما اعتدنا على أن له طابعه الخاص، فهو يختلف عن عيد رمضان بكونه عيد التضحية والأضاحي، وأنه يمتد لأيام خمس تبدأ بيوم عرفة وتنتهي بثالث أيام التشريق ورمي الجمار.
ثمة ممارسات عديدة ينبغي التوقف عندها وتأملها ومراجعتها، أولى تلك الممارسات ما تدعى بحظائر وزرائب الأغنام والأضاحي التي تتنوع ما بين خراف وماعز وعجول وحتى النوق، حظائر تزرع على جنبات الشوارع من اجل بيع الأضاحي وذبحها وسلخها وتقطيعها وتسليمها لصاحب الأضحية، وهنا المشكلة، فمعلوم أنه من النواحي الصحية ينبغي أن تتم عملية الذبح والسلخ والتنظيف في أماكن مجهزة ومخصصة لذلك، وهذا ما لا يمكن توفيره في مثل تلك الحظائر المتناثرة على جنبات الشوارع.
كما ان المتبقيات من الأضاحي تتكدس لتصبح كارثة بيئية بمعنى الكلمة، عدا عن الروائح الناشئة عنها والتي تزكم الأنوف، إضافة لتوالد وتكاثر الحشرات وخاصة الذباب الذي يجد البيئة المثلى وسط تلك المتبقيات.
أما اللحوم نفسها فهي أيضاً عرضةً للتلف وتكاثر الفيروسات والبكتيريا بما يهدد صحة وسلامة الذين يتزودون بتلك اللحوم.
كذلك هناك ممارسات الفحش في إبداء الفرح عبر التشحيط والتخميس بالمركبات، كما أن هناك ألعاب خطرة يتداولها الأطفال والتي سببت كثيراً من الإزعاج والحوادث والإصابات غير المقصودة.
الأضحى أتى ونحن قلوبنا تمتلئ حزناً وتضامناً مع الأهل في فلسطين وغزة. لكنها الحياة تأبى إلا أن تواصل مسيرتها.
تزاوروا وبادروا بالزيارات ولا تنتظروا من يزوركم لكي تزوروه. انشروا البسمة والبهجة بأبسط معانيها، بصفاء قلوب ونقاء سرائر. صلاة العيد بداية إعلان الفرح، والأقرب بمشاركته ذلك هم الجيران والحارة والحي، فبادروا بالتحية والتهنئة لكل من يمر بجانبكم.
هو أضحى، هو تضحية، هو الركن الإيماني لمن استطاع إليه سبيلا، كل أضحى والأردن وأهله وقيادته وفلسطين وأهلها والإنسانية بألف خير

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى