أقلام بوست

العبداللات يكتب : غيرة وحمية المعارض الأردني

عمان بوست – بقلم ​​​​​​​​دريد عيد العبداللات

لم أكن أتوقع يوما الجلوس مع أحد أشهر المعارضين الأردنيين، خاصة وأنا أنتمي إلى عائلة معظمها يؤمن بعبارة واحدة في الدستور الأردني: “نظام الحكم ملكي وراثي،” لثقتهم الكبيرة بهذا النظام، ولا تتم أفراح عائلتي إلا بأغاني عمر العبداللات للملك والجيش.
أدهشني وفاجأني ما سمعت من معارض شرس أشبعنا بمقالاته وظهوره المتكرر على منصات التواصل الاجتماعي منتقدا السياسات الوطنية وشخوصها، نعم دهشت! وأنا أسمع منه كل تلك الغيرة والحمية على الوطن وجلالة الملك عندما قابل الرئيس الأمريكي في آخر زيارة له هناك.
جمعني لقاء مع المعارض الأردني نايف الطورة وبعض الأصدقاء أذكر منهم خالد العواملة حيث كان الحديث عن زيارة الملك إلى الولايات المتحدة، حيث انفعل الطورة وقال وهو متأثرعاطفيا: لو لم أكن معارضا وأخاف أن يفهم ما أقوله على أنه “تطبيل” لخرجت بفيديو على اليوتيوب تحت عنوان “لا تحزن يا جلالة الملك، فهذا قدر الهاشميين،” فمنذ أكثر من ألف واربعمئة عام وآل هاشم يقفون مواقف العز والكرامة ليس من أجل أنفسهم بل من أجل عدم المجازفة بمصير شعب بايعهم على حياته وماله ومستقبل أجياله. فقد جابه جدك عبد المطلب بن هاشم لوحده جنود أبرهة الأشرم بعدها وعديدها وشديد بأسها وغطرستها وخرج بقومه سالما غانما رغم لوم اللائمين، وبعدها يا جلالة الملك جاء الدور على جدك النبي العربي الهاشمي (ص) الذي عانى ما عاناه ليخرج قومه من الظلمات إلى النور، ورغم ذلك فقد وحد الكلمة وجمع الأمة وانتقل إلى ربه تاركا خلفه أمة قوية موحدة استطاعت بهديه تكوين واحدة من أعظم امبراطوريا ت التاريخ.
ثم جاء الدور على جدك علي والحسن والحسين وصولا إلى جدك المؤسس عبد الله الأول الذي استطاع الحفاظ على الأردن وأهله رغم جميع الظروف التي عصفت بالمنطقة، والذي قدم روحه في سبيل القضية الفلسطينية واستشهد على أبواب الأقصى منضما بذلك إلى سلسلة شهداء آل البيت الذين أذهب الله عنهم الرجز.
ثم حمل الراية والدك جلالة الملك الحسين طيب الله ثراه وهنا تحدث الطورة بكل خشوع وبصوت مليئ بالعاطفة متأثرا ومؤثرا على من معه قائلا: أما هذا فهو صاحب الفضل بما كنت عليه. وأكمل قائلا: لقد مر الملك الحسين بمواقف تنوء عن حملها الجبال فقد تحمل منذ شبابه ما جرى من أحداث داخلية بدعم من الدول المجاورة التي تعتقد أنها تقدمية فجانبها الصواب وكبدت شعوبها وجيوشها خسائر لا يزال أثرها ماثلا حتى الآن. واستطاع جلالة الملك الباني رغم كل الظروف ومشاركته في كل الحروب العربية من بناء مؤسسات الدولة وشركاتها… الخ، حتى أصبح المستوى المعيشي للمواطن الأردني أفضل من بعض الدول النفطية ويتمتع بحرية رأي كبيرة مقارنة مع دول المنطقة. ثم اهتزت المنطقة بحرب جديدة أخرى هي حرب الخليج، تعرض جلالته خلالها لكافة أنواع الضغوط الداخلية والخارجية المتناقضة، وأخرج الأردن منها بأقل تأثير ممكن محافظا على كيان الدولة وسلامة مواطنيها.
وبعدها استكمل مشواره بمسيرة السلام التي بها عادت جميع الأراضي الاردنية المحتلة دون قطرة دم واحدة، وهذا عهد الهاشميين لم يكونوا يوما سفاكي دماء ولا مقامرين بحياة شعوبهم -وحتى معارضيهم- ثم حملت الأمانة أنت يا جلالة الملك فاستكملت مسيرة من سبقوك من الملوك العظام مؤمنا بقدرات وطاقات الشعب الاردني وتجاوزت بحنكتك السياسية ونفاذ بصيرتك أحداث الربيع العربي التي اتضح أنها صيفا عربيا جافا لا خير فيه. وهنا يا جلالة الملك نقول: أن هذا قدر الهاشميين بما يحملوه من أخلاق النبوة ودبلوماسية الحكم عبر مئات السنين فكل الناس دون سلالتكم مهما علا شأنهم، وهنا أتذكر أبياتا للفرزدق قالها بحق جدك علي بن الحسين بن علي زين العابدين عندما أنكره أحدهم:
هذا الذي تعرف البطحاء وطأته ​​​والبيت يعرفه والحل والحرم
هذا ابن خير عباد الله كلهم ​​​​هذا التقي النقي الطاهر العلم ​​​​
هذا ابن فاطمة إن كنت جاهله​​​​بجده أنبياء الله قد ختموا
وليس قولك من هذا بضائره ​​​​العرب تعرف من أنكرت والعجم
كما أتذكر قول الشاعر محمد مهدي الجواهري بحق أبيك جلالة المغفور له الملك الحسين، وما له لك يا سيدي:
يا أيّـها المَلِـكُ الأَجَلُّ مكانـةً
بين الملوكِ، ويا أَعَزُّ قَبِيلا
يا ابنَ الهواشِمِ من قُرَيشٍ أَسْلَفُـوا
جِيلاً بِمَدْرَجَةِ الفَخَارِ، فَجِيلا
نَسَلُوكَ فَحْلاً عَنْ فُحُـولٍ قَدَّمـوا
أَبَدَاً شَهِيدَ كَرَامَةٍ وقَتِيلا
فيا جلالة الملك لا تحزن! فهذا قدر هذه السلالة الطاهرة المطهرة أدامها الله. واستطرد الطورة مثمنا قدرة هذه العائلة على العفو وما يحملون من شيم التسامح الهاشمي فشكر جلالته عفوه عنه ليعود إلى وطنه يحتضن أمه وعائلته وأصدقائه ممتعا ناظريه بشوارع وأزقة وطنه الغالي التي طالما حن إليها في سنين غربته. واستذكر موقف جلالة الملك عندما وجه بعلاج والدته في مدينة الحسين الطبية خلال تواجده في الخارج معارضا، وهذه قيمة من قيم الهاشميين العليا بأنه “لا تزر وازرة وزر أخرى.”
ولمن يجلس مع الإعلامي نايف الطورة، يسمعه يردد بشكل مستمر أحد أبيات مصطفى وهبي التل:
يا أردنيات ان اوديت مغتربا
فانسجنها -بأبي انتن- اكفاني
استغربت كثيرا مما قال معبرا عن حبه للوطن ولقيادته، وعجبت لماذا لا يعمل في الجانب الآخر بدلا للمعارضة وذلك انسجاما مع احساسه وميوله كونه متمكن من السردية الأردنية وباستطاعته ترويجها بشكل يفوق سواه.
وفي الختام، فأنا لست جهاز تسجيل لأتذكر جميع ما قيل بالحرف مع أنني كتبت العديد من الجمل كما ذكرت على لسان صاحبها وبعضها مستلهم من جمل أخرى. وجدت أن أبيات الشعر المنسوبة للفرزدق والجواهري منسجمة تماما مع ما قاله الطورة.
مبارك جميل هذا الأردن! نختلف من أجله ويجمعنا حبنا وانتماؤنا له ولقيادته الهاشمية. وأتذكر عبارة لوالدي رحمه الله كان يكررها على مسامعي كثيرا حيث كان يقول: “ما حد أحرص على الملك من صاحبه” متمنيا من جميع من يكتبون ويتحدثون بالشأن العام تذكر هذا العبارة جيدا.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى