أقلام بوست

فراعنة يكتب : الملك في واشنطن

عمان بوست – بقلم الكاتب السياسي حمادة فراعنة

يرتبط الأردن بعلاقات وطيدة مع الولايات المتحدة الأميركية، قائمة على المصالح والتفاهمات والاحترام المتبادل، منذ سنوات طويلة، وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة دولة قوية غنية عُظمى، بل هي الأقوى والأغنى والأعظم في عصرنا منذ الحرب العالمية الثانية، ولا تزال.
الأردن، بلد صغير محدود الإمكانات، يتلقى مساعدات أميركية متنوعة مالية سياسية عسكرية، ولكنه يتمتع بمكانة محترمة لائقة لدى مختلف مؤسسات صنع القرار الأميركي، سواء حينما تتفق السياسات الأردنية مع السياسات الأميركية في منطقتنا أو تختلف، مما يعني أن الأردن لا ينصاع للسياسات الأميركية أو يقبل بها حينما لا تتفق مع المصالح الوطنية الأردنية.
في كارثة الخليج 1990، والاجتياح العراقي للكويت يوم 2/8/1990، وقف الأردن ضد سياسات العراق الخاطئة، وقراره المدمر نحو الكويت، مع ذلك لم يتجاوب الأردن مع السياسة الأميركية، والخيار الأميركي في الحرب على العراق، بل سعى لحل سياسي يقوم على الانسحاب من الكويت، واحترام سيادة البلدين، الكويت والعراق، والتوصل إلى كل الاتفاقات التي تضمن حرية الكويت وسلامة العراق، والحفاظ على مكانته وقدراته وطاقته كبلد قوي منتج، خدمة للمصالح القومية العربية في مواجهة الأطراف الإقليمية التي سعت نحو تعزيز نفوذها ومصالحها على حساب العرب، وفي مواجهة المستعمرة الإسرائيلية التي وظفت نفوذها في واشنطن لممارسة التحريض على العراق، ودفع الأميركيين نحو خيار الحرب لتدمير العراق واحتلاله، وهذا ما وقع فعلاً.
الأردن رفض المشاركة في حرب الثلاثين دولة ضد العراق، ورفض إرسال قوات إلى حفر الباطن، وقال الراحل الملك حسين، حينما رافقته في زيارته للعراق يوم 4/12/1990، ونحن في طريق العودة في الطائرة إلى الأردن، بعد أن لم يتجاوب الرئيس العراقي صدام حسين مع النصيحة الأردنية بالانسحاب من الكويت قال لنا الملك حسين: «يا خسارة، راحت العراق» وقال « ومع ذلك لن نشارك القوات الدولية بذبح العراق وتدميره».
وهكذا اختلف الأردن مع الولايات المتحدة بشأن العراق، وكانت تلك سياسة فاقعة، أن الأردن البلد الصغير المتواضع رفض الموقف الأميركي، وخيار واشنطن في الحرب على العراق، ودفعنا ثمن ذلك الموقف الوطني القومي الشجاع الباسل ضد السياسة الأميركية.
في عهد الولاية الأولى للرئيس ترامب 2017-2021، حينما أعلن يوم 6/12/2017، اعترافه بالقدس الموحدة عاصمة للمستعمرة الإسرائيلية، وقف الأردن موقفاً سياسياً شجاعاً في رفض القرار الأميركي، وعمل على قيادة الموقف العربي والإسلامي، لرفض القرار الأميركي:
1 – دعا وزير الخارجية أيمن الصفدي لاجتماع طارئ لوزراء العرب في القاهرة يوم 10/12/2017.
2 – زار الملك عبدالله أنقرة واتفق مع الرئيس التركي أردوغان لعقد قمة إسلامية طارئة في اسطنبول يوم 13/12/2017.
3 – دعا مجلس النواب الأردني لاجتماع طارئ للاتحاد البرلماني العربي في الرباط يوم 18/12/2017.
4 – تم التنسيق مع الكويت رئيسة المجموعة العربية لعقد اجتماع للجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 23/12/2017.
وحصيلة هذا الجهد الأردني رفض البلدان العربية والإسلامية والصديقة للقرار الأميركي، وقد غضب الرئيس الأميركي، أن يكون الأردن رأس حربة سياسية ضد القرار الأميركي ولصالح فلسطين.
كما وقف الأردن ضد خطة الرئيس ترامب «صفقة القرن» التي أعلنها في واشنطن بحضور رئيس حكومة المستعمرة نتنياهو يوم 28/1/2020، وأجرى سلسلة اتصالات واجراءات مثيلة لما فعله في رفض الموقف الأميركي.
وذلك يدلل أن الأردن، سواء في عهد الراحل الملك حسين، أو عهد الملك عبدالله، لا يتوانى عن احترام مصالحه الوطنية القومية، وأن لها الأولوية على ما عداها من مصالح حتى ولو كانت تختلف وتتعارض مع مواقف ومصالح دولة عظمى صديقة وداعمة للأردن: الولايات المتحدة الأميركية.
ماذا بشأن المستقبل، وكيف يتم ذلك؟

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى