الخواجا يكتب :730 يوماً تحت الإبادة

عمان بوست – بقلم د. ماجد الخواجا

ثلاثون يوماً لتكتمل سنتان من العدوان الغاشم الهمجي على غزّة. ليست مجرد أيام مضت، وليسوا مجرد أرقام انتهت، إنها أقذر إبادات تمارس بحق شعب أعزل محاصر منذ نشأة الكيان الغاصب قبل 80 عاماً، لم يخل وجه غزّة ذات نهارٍ من جرحٍ أو ندبة اعتقال أو حصار.
700 نهار حالك السواد والظلم والاضطهاد تمرّ على غزّة والضفة، تعرضت فيها لأقسى صنوف القتل العشوائي بأفظع ما أنتجته البشرية من أسلحةٍ تدعى بالذكيّة، وهي في واقع الأمر أسلحة خبيثة قذرة تصطاد البشر وهم في بيوتهم مسالمين لا ذنب لهم غير أنهم فلسطينيين.
المشهد الدولي معيب ولم يظهر بهذا المستوى من العجز والتخاذل كما هو الآن، فلا قرارات دولية ألجمت الكيان الاحتلالي، ولا المنظمات العالمية زجرته عن أفعاله الإجرامية، ويواصل بآلاته التدميرية اقتراف عمليات التطهير والإبادة الجماعية مستنداً إلى دعم غير محدود من الإدارة الأمريكية التي لم تصدق في تصريح لها حتى الآن.
عشرات الآلاف من الذين قضوا تحت سمع وبصر العالم أجمع، ومئات الآلاف من الجرحى والمرضى والمعاقين بسبب ما يقترفه الكيان، الموت الجاثم على الأنفاس والحركات، الموت لطالبي المساعدة، الموت جوعاً، الموت بحثاً عن ما يسدّ الرمق من العطش. الموت هرباً من الموت.
كيف هو المشهد الفلسطيني بعد 700 يوم من العدوان الغاشم؟ هناك دمار شامل في غزّة، هناك تقطيع أوصال مدن وقرى الضفة، هناك تدمير ممنهج لأحياء بأكملها ومناطق يتم استباحتها في مخيمات الضفة، هناك اعتداءات يومية ووضع اليد على أراضي وممتلكات الفلسطينيين، هناك حالة من الحيرة عما ستحمله الأيام القادمة. ما بين الإعلان عن ضم الضفة وإعادة احتلال قطاع غزّة بالكامل، والتهجير باعتباره هدفاً صهيونياً وأمريكياً.
هناك حالة معلنة لدى حكومة العدوان الصهيوني بمتابعة الجرائم إلى أن تتحقق أهدافها المتمثلة في القضاء على المقاومة وطبعاص تكرار جملة « تحرير المعتقلين أو الأسرى» الذين أصبحوا يشكلون قوة ضغط هائلة داخل الكيان بحيث وصلت اعداد المتظاهرين إلى مئات الآلاف في مساءات أيام السبت والأحد من كل أسبوع.
الوقت لم يعد في صالح الكيان واستمرار العدوان، لقد انفضّ التأييد له من أقرب الأنظمة الغربية، وها هي عديد من الدول الغربية التي ستعترف بدولة فلسطين.
نعم ما زال ترامب يمارس شعبويته ذات الخلفية الصهيونية الفجّة، ها هو يريد فتح معبر رفح لتهجير أبناء غزّة وكأنهم بعد ثمانين عاماً من الحصار والدمار، يتخيّل أنهم يتركون أرضهم ليهيموا على وجوههم في صحراء التيه الجديدة.
يقول أحد الصهاينة إن هناك نظاما عالميا جديدا لا ارتباط بينه وبين عقلية فرنسا وبريطانيا كحالات استعمارية انتى دورها، كما أن دور الأمم المتحدة قد انتهى أيضاً، وأن النظام الجديد قائم على خزعبلات صهيونية تزعم أن بإمكانها فرض إرادتها على شعوب العالم. وأن على فرنسا وبريطانيا إدراك ذلك. إن سايكس وبيكو لم يعد مجدياً حسب أقواله.
المشهد رغم كارثيته وفظاعته، إلا أنه يحمل ويحتمل آمالاً كبيرة، إنها مرحلة عضّ الأصابع، والألم رغم حجمه وفجيعته، فهو يرسم الأمل لشعبٍ صمد وقاوم واحتمل كل صنوف القهر والقمع والخراب.
المشهد القادم مفتوح على احتمالات متعددة، وهذا الشعب عانى فوق كل احتمال، لكنه ما زال يزرع الورود على شرفات المنازل والقلوب، ما زال يحتفي بالحياة رغم كل الخطوب. شعب له حق تقرير مصيره ومستقبله حاله حال شعوب الأرض قاطبة.
المشهد مكتظ بالتوحش والفظائع والخراب، لكنه أيضاً مفعم بالحق واندحار الباطل قريباً، وستشرق شمس الحرية والكرامة والعزّة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى