العياصرة تكتب : مهاتير محمد.. درس صارخ في شجاعة القيادة والنهضة

عمان بوست – بقلم نيفين العياصرة 

منذ فترة وأنا أقرأ في تاريخ محمد مهاتير، تلك الشخصية التي تزعجك لتفكر وتطرح أسئلة صعبة.. لماذا يستطيع قائد أن يحوّل بلدا منهارا إلى قوة اقتصادية بينما كثير من حكوماتنا تتعثر في نفس المشكلات منذ عقود؟ مهاتير لم يكتف بالكلام إنما  امتلك الجرأة والمخاطرة لصنع واقع جديد لوطنه.

عندما تولى رئاسة الوزراء كانت ماليزيا بلدا  يعتمد على تصدير المطاط والقصدير، اقتصاد هشّ، وبطالة مرتفعة، وفقر منتشر. لكنه لم يقبل أن يبقى في ظل الظروف إنما  قرر أن يجعل من بلده مثالا على النهضة والإبداع،لم ينتظر التمويل الخارجي ولا تراخيص المؤسسات الدولية إنما  قام بخطط جريئة لتحويل ماليزيا إلى دولة منتجة تعتمد على التعليم والصناعةوالتكنولوجيا، وأطلق مشاريع ضخمة مثل شركة السيارات الوطنية “بروتون”لتؤكد سيادة بلاده على قراره الوطني.

حتى في أصعب اللحظات مثل الأزمة الآسيوية 1997، رفض مهاتير التبعية لوصفات صندوق النقد الدولي، وواجه المخاطر بحزم وذكاء، محوّلا الأزمة إلى فرصة لإنقاذ الاقتصاد الوطني وتعزيز استقلاله،هذه الجرأة هي ما يفتقده الكثير من حكوماتنا اليوم التي تتجنب المخاطرة وتتغاضى عن الفرص تحت ذرائع الاستقرار المؤقت والخوف من الانتقادات.

تجربة مهاتير تعلمنا درسا واضحا..النهضة تحتاج إلى مسؤولون يغامرون من أجل وطنهم، لا مجرد مدراء للخوف والبيروقراطية، في بلادنا نرى خططا بلا تنفيذ، ووعودا بلا نتائج ومجالسا مشغولة بالمظاهر أكثر من الإنتاجية. البطالة، والفساد، والديون تتزايد بينما القرارات الحقيقية المؤثرة مفقودة.

ماليزيا أثبتت أن التحديات الكبيرة يمكن تحويلها إلى فرص إذا وجد القرار والسياسة والإرادة الوطنية، الفارق بين التراجع والنهضة ليس في الموارد ولا في الظروف إنما  في الشجاعة، وحكوماتنا بحاجة اليوم إلى “مهاتير جديد”، لا يكتفي بإدارة الأزمة بل يواجهها يتخذ قرارات صعبة ويعيد بناء الوطن من جديد.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى