عالمي بوستعربي ودولي

قطر تفتح قنوات اتصال مع “هيئة تحرير الشام” بعد سقوط الأسد.. تحركات إقليمية لتشكيل المشهد السوري الجديد

عمان بوستفي خطوة جريئة ومثيرة للجدل، بدأت قطر اتصالات مباشرة مع “هيئة تحرير الشام”، في إطار سباق إقليمي لإعادة ترتيب الأوراق في سوريا ما بعد بشار الأسد.

وفقًا لمسؤول مطلع، أكد لوكالة رويترز، فإن دبلوماسيين قطريين تواصلوا مع قيادات “هيئة تحرير الشام”، التي كانت في السابق مرتبطة بتنظيم القاعدة، وذلك بعد الهجوم المباغت الذي أطاح بنظام الأسد وأحدث فراغًا في السلطة.

تحالفات جديدة وقيادة انتقالية
تأتي هذه التحركات في وقت تسعى فيه دول إقليمية كبرى لإعادة رسم علاقاتها مع الفصائل المسيطرة، حيث باتت هيئة تحرير الشام في صدارة المشهد السياسي والعسكري.

وأشار المسؤول إلى أن قطر ستتحدث الثلاثاء مع محمد البشير، القيادي في هيئة تحرير الشام، الذي كُلّف مؤخرًا بقيادة السلطة الانتقالية في سوريا. ووفق المسؤول، فإن تركيز الاتصالات ينصب على الحفاظ على الهدوء وحماية المؤسسات العامة السورية خلال المرحلة الانتقالية.

اجتماعات دبلوماسية وحراك إقليمي
تأتي هذه الاتصالات بعد اجتماع دبلوماسي رفيع المستوى في الدوحة، ضم وزراء خارجية السعودية، مصر، تركيا، الأردن، والعراق، إلى جانب إيران وروسيا، حلفاء الأسد الرئيسيين.

ووفقًا لمصادر، فقد اتفقت الأطراف على ضرورة فتح قنوات اتصال مع هيئة تحرير الشام، لضمان الاستقرار الأمني في سوريا، وتفادي ظهور فراغ أمني قد تستغله تنظيمات متطرفة مثل داعش.

قطر: دعم السوريين سياسة ثابتة
في تعليق على هذه التطورات، قال وزير الدولة القطري للشؤون الخارجية محمد الخليفي، إن الاتصالات القطرية مستمرة مع جميع الأطراف في المشهد السوري.

وأكد الخليفي، في تصريحات نقلتها قناة الجزيرة، أن سياسة قطر واضحة في دعم الشعب السوري منذ بداية الأزمة، مشيرًا إلى أن أبواب الدوحة مفتوحة أمام الجميع، في إشارة إلى استعداد بلاده للعب دور الوسيط الإقليمي.

إيران تفتح قنوات اتصال مع المعارضة
وفي تحول نادر في سياسة طهران تجاه المعارضة السورية، قال مسؤول إيراني كبير إن بلاده فتحت خط اتصال مباشر مع “القيادة الجديدة” في سوريا. ولم يُفصح عن طبيعة الفصيل المعارض الذي تتواصل معه طهران، لكنه شدد على ضرورة تجنب أي “مسار عدائي” مع دمشق الجديدة.

هذا الموقف يشير إلى رغبة طهران في حماية مصالحها الاستراتيجية في سوريا، لا سيما أن روسيا، الحليف الآخر للأسد، تلقت ضمانات من المعارضة بعدم المساس بالقواعد العسكرية الروسية.

تحرك سعودي وتركي نحو المعارضة
لم تقتصر الاتصالات الإقليمية مع هيئة تحرير الشام على قطر فقط، بل شاركت فيها تركيا والسعودية، حيث عرضت الدولتان فتح قنوات اتصال مع المعارضة السورية، وفق ما نقله مسؤول إيراني حضر الاجتماع في الدوحة.

وقال وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، إن تركيا تنسق مع جميع الأطراف الإقليمية والفاعلين الدوليين، دون أن يذكر صراحة هيئة تحرير الشام، لكنه أوضح أن بلاده تسعى إلى ضمان استقرار المشهد السوري.

روسيا تحصل على ضمانات من المعارضة
رغم التحولات الكبرى، لم تغب روسيا عن الساحة، حيث تلقّت موسكو ضمانات من المعارضة السورية بعدم المساس بالقواعد العسكرية والمؤسسات الدبلوماسية الروسية في سوريا.

وقالت وكالات أنباء روسية، إن فصيلًا من المعارضة قدّم لموسكو هذه الضمانات، دون توضيح هوية الفصيل.

ماذا يعني ذلك؟
تحركات قطر وتركيا والسعودية تعكس تحولًا استراتيجيًا في سياسة المنطقة تجاه الملف السوري، خاصة مع سقوط النظام الذي هيمنت عليه عائلة الأسد لأكثر من 50 عامًا.

اللاعبون الإقليميون، الذين كانوا في السابق في مواجهة مع هيئة تحرير الشام، باتوا الآن يسعون إلى التنسيق معها، في خطوة تعكس الرغبة في ملء الفراغ الأمني والسياسي في سوريا، بما يضمن عدم ظهور قوى متطرفة كداعش أو تمدد النفوذ الإيراني.

هل تنجح هيئة تحرير الشام في إدارة المرحلة الانتقالية؟
الواقع الجديد في سوريا يضع هيئة تحرير الشام أمام اختبار صعب، حيث يُتوقع منها إدارة مؤسسات الدولة، والتعامل مع القوى الإقليمية والدولية، وسط مراقبة حثيثة من المجتمع الدولي.

بينما كانت الهيئة تُصنف سابقًا كـ**”جماعة إرهابية”**، باتت اليوم شريكًا محتملًا في المفاوضات السياسية، وهو ما يُعدّ تحولًا دراماتيكيًا في المشهد السوري.

ختام المشهد
إعادة تشكيل السلطة في سوريا بعد سقوط الأسد فتحت الباب أمام تحالفات غير متوقعة، وأعادت “هيئة تحرير الشام” إلى قلب المشهد، بعدما كانت مصنفة كعدو إقليمي ودولي.

لكن مع دخول قطر وتركيا والسعودية على خط الاتصالات مع الهيئة، يبدو أن المنطقة مقبلة على تحولات استراتيجية كبرى، حيث تسعى كل دولة لضمان حصتها في الكعكة السورية، في حين تسعى إسرائيل وروسيا وإيران للحفاظ على نفوذها العسكري والأمني.

المعركة السياسية لم تنتهِ بسقوط الأسد، بل يبدو أن مرحلة جديدة من الصراعات الدبلوماسية والتنافس الإقليمي قد بدأت.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى