“مالية النواب” تواصل مناقشة مشروع الموازنة العامة 2025: استحقاقات مالية طموحة في ظل تحديات ضاغطة

عمان بوست – تواصل اللجنة المالية في مجلس النواب، اليوم الثلاثاء، مناقشة مشروع قانون الموازنة العامة للسنة المالية 2025، وسط توقعات بطرح قضايا حاسمة تتعلق بمخصصات المشاريع الكبرى، ودعم القطاعات الحيوية، ومراجعة أوجه الإنفاق الحكومي.
وتشمل مناقشات اليوم “هيئة الخدمات والإدارة العامة، معهد الإدارة العامة، دائرة قاضي القضاة، دائرة الإفتاء العام، ووزارة المياه والري مع الدوائر التابعة لها”، حيث من المتوقع أن تشهد الجلسة تسليط الضوء على المخصصات المالية المرتبطة بمشاريع المياه الحيوية، وأبرزها مشروع الناقل الوطني، في ظل تحديات مائية متزايدة في المملكة.
ووجه رئيس مجلس النواب، أحمد الصفدي، اللجنة المالية إلى تكثيف الاجتماعات وتسريع إنجاز التوصيات، على أن يتم تسليمها إلى المجلس في مطلع الشهر المقبل، تمهيدًا لإقرار المشروع بصيغته النهائية.
مشروع موازنة 2025: دعم المشاريع الكبرى واحتواء العجز
أُحيل مشروع قانون الموازنة إلى اللجنة المالية، وسط وعود بأن يكون “الأكثر واقعية” مقارنة بالأعوام السابقة، عبر فرضيات منسجمة مع رؤية التحديث الاقتصادي.
ويستهدف المشروع تمويل مشاريع كبرى استراتيجية، منها مشروع الناقل الوطني للمياه، ومشروع سكة الحديد الذي سيربط ميناء العقبة بمناطق التعدين في الشيدية وغور الصافي.
تقدّر النفقات العامة في الموازنة بنحو 12.511 مليار دينار، تتوزع على نفقات جارية بقيمة 11.042 مليار دينار، ونفقات رأسمالية بحدود 1.469 مليار دينار، وهو ما يعكس زيادة في النفقات الرأسمالية بنسبة 16.5% مقارنة بموازنة 2024.
ويأتي هذا الارتفاع في إطار سعي الحكومة إلى تغطية تكاليف المشاريع الكبرى، وبناء مستشفيات ومدارس جديدة، وصيانة القائمة منها، إضافة إلى تعزيز المخصصات الموجهة لدعم القوات المسلحة والأجهزة الأمنية لمواصلة أداء مهامها بفعالية.
على صعيد الإيرادات العامة، قُدّرت بـ 10.233 مليار دينار، منها 9.498 مليار دينار إيرادات محلية، و734 مليون دينار منح خارجية، وهو ما يشير إلى انخفاض الاعتماد على المنح الخارجية، التي تمثل 5.9% فقط من إجمالي النفقات، مقارنة مع 6.3% في 2024، ما يعكس استمرار الأردن في نهج الاعتماد على الذات تدريجيًا.
أهداف طموحة لتحقيق نمو اقتصادي وتقليص العجز
يستند مشروع الموازنة إلى توقعات بنمو الاقتصاد الوطني بنسبة 2.5% كنمو حقيقي، و4.9% كنمو اسمي، مع استقرار التضخم عند معدلات معتدلة، مما يعزز الثقة في قدرة الاقتصاد على تجاوز التحديات الإقليمية التي أثّرت على الاستثمار والحركة السياحية.
وفيما يتعلق بالعجز المالي، يسعى المشروع إلى خفض العجز الأولي إلى 2% من الناتج المحلي الإجمالي، مقارنة مع 2.9% في 2024، وهو ما يعتبره المراقبون تقدماً في ضبط الإنفاق.
دعم الحماية الاجتماعية والتعليم والسلع الاستراتيجية
على صعيد الحماية الاجتماعية، شمل مشروع الموازنة زيادة مخصصات شبكة الحماية الاجتماعية وصندوق المعونة الوطنية، حيث من المتوقع أن تستفيد 15 ألف أسرة جديدة، تشمل 90 ألف فرد، مما يعزز شبكات الأمان الاجتماعي في ظل الضغوط الاقتصادية على الأسر الأردنية.
كما شهدت الموازنة زيادة مخصصات صندوق دعم الطالب الجامعي بنسبة 50%، لتصل إلى 30 مليون دينار، وهو ما سيتيح زيادة أعداد المستفيدين من المنح والقروض، حيث يُتوقع أن يستفيد 53 ألف طالب وطالبة مقارنة مع 44 ألف طالب في العام السابق.
وفي مجال الأمن الغذائي، خصصت الموازنة دعماً إضافياً للسلع الغذائية الأساسية، مثل أسطوانات الغاز المنزلي، والقمح، والشعير، ما يهدف إلى ضمان استقرار أسعار السلع الحيوية في السوق المحلية، وسط توقعات بتقلبات الأسعار العالمية.
تعزيز الإنفاق الأمني والدفاعي
لم تغفل الموازنة دعم القوات المسلحة الأردنية والأجهزة الأمنية، حيث تم تخصيص موازنات لتعزيز قدراتها، وتلبية احتياجاتها اللوجستية والتسليحية، انطلاقًا من الالتزام بحماية أمن الوطن واستقراره، خاصة مع التحديات الإقليمية المستمرة.
رسائل الحكومة: واقعية الموازنة ورؤية نحو “الاعتماد على الذات”
تحمل الموازنة رسائل ضمنية حول تبني نهج أكثر واقعية في تقدير الإيرادات والنفقات، مع التأكيد على دعم المشاريع الإنتاجية الكبرى، وتعزيز شبكة الحماية الاجتماعية، وضبط العجز المالي، مع إشارة واضحة إلى الحد من الاعتماد على المنح الخارجية.
وفيما يعتبر المشروع خطوة نحو ترسيخ مفهوم الاعتماد على الذات، يرى مراقبون أن التحدي الحقيقي يكمن في كيفية التوفيق بين متطلبات الإنفاق الطموح والموارد المتاحة، لا سيما مع تزايد التحديات الاقتصادية الإقليمية.
“مالية النواب” أمام اختبار دقيق، فإما أن تسهم التوصيات المرتقبة في تعزيز قدرة الحكومة على إدارة الإنفاق بكفاءة، أو تواجه الانتقادات الشعبية والنيابية بشأن بنود الإنفاق وجدوى بعض المشروعات.”