محلياتمحليات بوست

الصفدي و”الميليشيات” .. مُقاربة في معركة من “المسافة صفر”!

عمان بوست – كتب نشأت الحلبي
حتى اللحظة، لم أفهم سبب مهاجمة وزير خارجية “الأردن”، أيمن الصفدي، حين تحدث عن “الميليشيات المسلحة”، ولعلني قد أستوعب “تَسرُّع” الشارع في مهاجمة الصفدي قبل أن يقوم “محلل سياسي”، مثلاً، بـ “تفكيك” التصريح وتشريحه وتحليله ومن ثم تقديمه للرأي العام حتى تنجلي الصورة، وما لم أستوعبه أكثر، أن يُهاجَم الوزير من قِبل نواب من المفترض أنهم “مُسيَّسون”، أو قادرون، على الأقل، على قراءة ما هو أبعد من مجرد تصريح حتى يتغلبون على حالة “الصدمة”، وبالتالي ضبط “الانفعال”، وهنا لا أهاجمهم بقدر ما أنصحهم بـ “التروي”، فما الطريق للفهم “العميق” إلا “تأمل ساعة”!
لن أتحدث عن مواقف الأردن التي حملها الصفدي وروّجها بكل احترافية، في كل عواصم صنع القرار، بل أحسب أنه كان المقاتل الشرس باسم الملك والشعب الأردني، وأوصل حالة الغضب المستعرة في “صدور” الأردنيين إلى كل مكان حط فيه بأمر الملك، فهذا أمر تابَعَهُ كل ذي “عين مُتمحِّصة”، أما ما سأتحدث عنه فهو التصريح بعينه، فالوزير “الأردني” كان يتحدث في منتدى دافوس الذي ترقبه كل رادارات السياسة والإعلام والاقتصاد في العالم، وعليه فإن خطاب “أهل الدولة” يتم تمحيصه بكل أداة ممكنة، فعلاقات الدول مع “أصحاب الخطاب” تُبنى بناء على كل حرف فيه، ولا أحسد الوزير هنا إن هو يتحسس الطريق كمن يسير في حقلٍ من الألغام حين كان يتحدث ويجيب على الأسئلة، فمن باب، هو يحمل همّ أن يؤدي أمانة الوطن بكل إخلاص آخذاً في عين الاعتبار مصالح الأردن “أولاً”، ومن باب آخر، يحرص على أن لا يتنازل، ولو قيد أنملة، عن الموقف الأردني الداعم، بصلابة، لحق الأشقاء في فلسطين رغم معرفته بالدعم الجارف، لدولة الاحتلال من قبل كل “المنتَدين” حتى المُحاوِر منهم، وأحسب أن هذه مقاربة فيها من “الجهاد” ما هو أشبه بمعركة ضروس، ومن “المسافة صفر”!

وأحسب أيضاً أن الوزير كان من “الفِطنة” بمكان بأن أطلق، وسط كل ذلك “الحصار” تلك الكلمات، ولعل فيها من العُمق ما يمكن تلخيصه ببساطة شديدة دون محاولة “لَيْ” النص، فالرجل عنى ما يقول، لكن دون الإخلال بموقف الأردن، ودون التراجع عن “الأداء” السابق الذي وصل في يوم من الأيام حدّ “تقريع” وزير خارجية أميركا، “بلينكن” في قلب عمّان، ومنصة قاعة المؤتمرات في وزارة الخارجية الأردنية، شاهد على “الاشتباك”.
كلام الوزير عن “الميليشيات المسلحة” إذن، جاء في باب التأكيد بأن العودة لعملية السلام، هو الطريق الوحيد لكل حالة العنف و”العسكرة” في المنطقة، وإن حدث وتم ترتيب البيت الفلسطيني الداخلي بِجَمع “الشتات” وتوحيد “الفصائل” بما فيها المقاومة، فإن هذا يعني، بدون شك، توحيد “السلاح” أيضاً ليصبح كله “شرعي”، وعندها لن تكون هناك “ميليشيات مسلحة”، حسب فهم من يُخاطبهم الوزير، ونحن من نراه مقاومة مشروعة أنتجها أساساً ظلم الاحتلال وصلفه وتنكيله بـ “أهل الحق”، وفي هذا “التحليل”، ما أراه منطقياً، بل ومقاربة مقبولة لا يمكن تحميلها اكثر مما تحتمل، بل ويُحمّل دولة الاحتلال مسؤولية تعطيل السلام وتشتيت بيت الفلسطينيبن، وبالتالي إنتاج “العنف”، حسب مفهومهم.
كما أسلفت، هذا ليس دفاعاً عن الوزير الصفدي بقدر ما هو تبيانٌ للموقف الأردني الثابت، و”مُقاربة” ما زلت أُصر أنها أُنتِجَت من رحم معركة “دبلوماسية” ضروس، فلنُهدِّئ من “إنفعالنا”.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى