أقلام بوست

فراعنة يكتب : جدلية العلاقة والمواطنة الحقة

عمان بوست – بقلم الكاتب السياسي حمادة فراعنة

قدم الرئيس عبدالرؤوف الروابدة محاضرة قيمة في منتدى محمد الحموري المميز، يوم السبت 26 نيسان ابريل الجاري 2025، ادارها الزميل المتمكن محمد أبو رمان، حظيت باهتمام وحشد ملموس، لما يحظى به المحاضر من اهتمام، كسياسي أردني بارز، يملك الوضوح والشجاعة فيما يقول ويسعى، بدون مواربة أو مجاملة أو تردد، كما أن المنتدى لا يتجاوز تأسيسه السنتين، نال الاستجابة والحضور من جمهور يتطلع نحو الإنغماس بقضايا حيوية محلية يحتاج معالجتها ومواجهتها، بروح من تماسك الجبهة الداخلية، والهوية الوطنية الأردنية الجامعة الموحدة، تؤرقه ما يحصل في سوريا ولبنان واليمن والعراق وغيرها، يقف في طليعتها الاهتمام بما يجري في فلسطين وشعبها، ومعاناتهم جراء الإجرام والقتل والتدمير، ومحاولات المستعمرة الإسرائيلية إعادة رمي القضية الفلسطينية إلى خارج فلسطين، كما حصل عام 1948، حينما تمكن من تهجير وتشريد الفلسطينيين الى لبنان وسوريا والأردن، وبقيت كذلك حتى تمكن الرئيس الراحل ياسر عرفات إعادة نقل الموضوع الفلسطيني وعنوانه ومؤسساته ونضاله من المنفى إلى الوطن، اعتماداً على نتائج الانتفاضة الأولى عام 1987، واتفاق اوسلو عام 1993، وعليه تحولت القضية إلى أرض ووطن الفلسطينيين، الذي لا وطن لهم غيره: فلسطين.
عرض الرئيس لمحاضرته «السردية الأردنية في ظل التحولات الإقليمية»، كان موفقاً، يجعل أيا منا، كمواطن يتباهى بماضي الأجداد الذين حافظوا على الكيان والدولة والهوية، التي ولدت من رحم الثورة العربية الكبرى في مواجهة سياسات التتريك، ومن ثم ضد المستعمر البريطاني، وفي مواجهة عدوان المستعمرة الإسرائيلية التوسعية التي سلبت واحتلت بداية ثلثي مساحة فلسطين عام 1948، وواصلت احتلالها لما تبقى من فلسطين عام 1967، بما فيها القدس الشرقية، والضفة الفلسطينية التي كانتا جزءاً من أراضي المملكة الأردنية الهاشمية، بفعل قرار الوحدة عام 1950.
كثير من الأردنيين يتناسون أو لا يعرفون أن الهوية الفلسطينية تمت وولدت على أرض المملكة الأردنية الهاشمية، بفعل المؤتمر التأسيسي الأول للمجلس الوطني الفلسطيني الذي افتتحه الراحل الملك حسين في القدس في شهر أيار 1964، رداً على خطاب عبدالناصر الذي قال فيه مخاطباً الفلسطينيين: «لا يوجد من لديه خطة لتحرير فلسطين، ولذلك على الفلسطينيين أن يتولوا تحرير بلدهم ووطنهم بأنفسهم»، والتقط الملك حسين هذا التوجه وهذه الدعوة، وعمل وساهم في ولادة الهوية الفلسطينية التي تمت مع ولادة منظمة التحرير وتعبيراً عنها، وبعد قرار فك الارتباط القانوني والإداري مع الضفة الفلسطينية الذي أعلنه الراحل الملك حسين يوم 31/7/1988، وقدم بذلك الخدمة النوعية المساندة التي وفرت الأرضية السياسية، لمنظمة التحرير بإعلان مشروع الدولة الفلسطينية وخطتها، من قبل اجتماع المجلس الوطني في الجزائر يوم 15/11/1988، وكان الأردن البلد الثاني بعد الجزائر الذي أعلن اعترافه بمشروع وخطة قيام الدولة الفلسطينية، على جزء من أرض فلسطين: 1- القدس، 2- الضفة الفلسطينية، 3- قطاع غزة.
في بلدنا يتكون المجتمع الأردني والخارطة الأردنية سياسياً واجتماعياً من المكونات الأربعة وفق كافة خطابات رأس الدولة والسياسات الرسمية: 1- أبناء المدن، 2- أبناء الريف، 3- أبناء البادية، 4- أبناء المخيمات، فالحرص على هوية أبناء فلسطين، حرص جوهري يتمسك بهوية أبناء المخيمات من اللاجئين الفلسطينيين حرصاً على: 1- حقهم في العودة، 2-والتمسك بوكالة الأونروا كتعبير على القرار الأممي في الحفاظ على هوية اللاجئين الفلسطينيين وحقهم في العودة، وأن مواطنتهم الأردنية مع كامل الحقوق والواجبات، لا تتعارض مع هويتهم كلاجئين فلسطينيين، لأن شطب هويتهم الفلسطينية، خدمة يسعى ويعمل من أجلها المشروع الاستعماري التوسعي ويهدف إلى شطب ثلاث مفردات: اللاجئ، المخيم، الأونروا، وهم يمثلون نصف الشعب الفلسطيني وأغلبهم مقيمون في الأردن، ولهذا يتمسك ويؤمن الفلسطيني ويتباهى بمواطنته الأردنية، بكل ما لها ومنها وعليها من شروط ومتطلبات: الولاء للوطن وللدولة وللنظام ومن أجل أمن الأردن واستقراره وتقدمه وديمقراطيته وتعدديته، مثلما يتمسك بفلسطينيته، التي لا تتعارض مع مواطنته الأردنية، بل كلاهما مكمل للآخر، لأن الأردنيين يتمسكون بكامل حقوق الفلسطينيين، ويدعمون نضالهم من أجل العودة والاستقلال والحرية.
قضية جدلية، لا يمكن حلها ووضوحها، بدون حل القضية الفلسطينية على أرض فلسطين، وغير ذلك مهما كانت دوافعها الإحساس بالمسؤولية، تُثير عدم الارتياح لنصف الأردنيين الذين لن يتخلوا عن مواطنتهم الأردنية وتطلعاتهم نحو فلسطين، فكلنا في خندق واحد من أجل أمن الأردن ومن أجل حرية فلسطين.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى