الخواجا يكتب : الاستبداد يتمدد في العالم

عمان بوست – بقلم د. ماجد الخواجا

يشهد العالم منذ سنوات تراجعاً كبيراً على مؤشرات الديمقراطية والحريات الأساسية، وأصبحت الصورة العالمية مفرغة في مساحات كبيرةٍ منها من وجود الحريات، ولم تشهد الولايات المتحدة والكيان الصهيوني تراجعاً في أدنى مستوياتها التاريخية على مقاييس الديمقراطية كما هو حالها عامي 24- 25.
في ظل تواجد أصحاب الفكر المتطرف وبشكل امتلكوا فيه زمام السلطة في دول كثيرة، فيما دول عديدة محكومة للعسكر بشكل مباشر او غير مباشر، فكر يقوم على أمجاد غابرة وأوهام تاريخ يراد استعادته، وكراهية للآخر، ليس الآخر بالضرورة خارج البلد، وإنما قد يكون من أبنائها الأصليين، تماماً كما يحدث من قطيعة واضحة بين حزب المحافظين والحزب الديمقراطي في الولايات المتحدة.
لقد شهدت 130 دولة من أصل 167 دولة مشمولة في مؤشر الديمقراطية إما انخفاضاً أو عدم تحقيق تقدم، واستمر تراجع الحريات في الدول العربية للعام السابع على التوالي. وحصلت على 3.12 من 10 حسب المقياس العالمي، وهي من أدنى المتوسطات، حيث بلغ المتوسط العالمي للحرية 5.17، ويعيش أكثر من 40% من سكان العالم تحت حكم سلطوي ديكتاتوري، فيما تم تصنيف 60 دولة على أنها ذات أنظمة سلطوية.
تنقسم فئات مؤشر الديمقراطية لأربعة مستويات: الديمقراطية الكاملة، المعيبة، الهجينة، المستبدة.
لكن كما هو حال كثيرٍ من التصنيفات العالمية التي تلوثت بالتدخلات السياسية، فهي ما زالت تمنح الكيان الصهيوني مرتبة متقدمة على معظم المقاييس العالمية ومنها مقياس الديمقراطية بترتيب 31 ضمن فئة الديمقراطية المنقوصة. فهم لا يرون كل هذا الدم المسفوح والقتل العشوائي والمجازر والإبادات الممنهجة بحق أطفال ومرضى ونساء وكبار السّن من مدنيين مسالمين.
ليس مستغرباً تمدد الاستبداد في العالم بعد أن اهتزت مصداقية عديد من الأنظمة السياسية والمنظمات الدولية، خاصةً تلك التي تتبنى نشر ثقافة حقوق الإنسان والأقليات وتنوّع القوميات والأعراق، وصولاً إلى دعمها لكثيرٍ من المجالات الفرعية التي تم ربط التمويل والمنح بمدى تفهّم الدول لتلك المتغيرات من قبيل المتحولين جنسيا، وغيرها من قضايا مثيرة للجدل بشكلٍ مزعج.
لن تتحقق الحرية في دول العالم دون تحقيق الاستقلال التام الذي يمنع الاختراق ويردع التدخلات الأجنبية ويعزز المناعة الوطنية، تحقيق العدالة الاجتماعية وحسن توزيع الموارد ضمن استنادها للثقافة السائدة لا المستجلبة، تمكين المجتمع وتوسيع المشاركة الشعبية في دوائر صنع القرار والسلطات المحلية والوطنية، والحد من تغوّل السلطات التنفيذية وتوسيع مساحات الاعتبار للشعب.
إن الركود الديمقراطي يعود إلى هشاشة الدول والتهديدات الجيوسياسية وضعف المناعة الإستراتيجية، مما يحد من وجود الحكم الرشيد والنزاهة والدعالة والشفافية وتكافؤ الفرص، وهي مفاهيم ما بعد العولمة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى