فراعنة يكتب : الإصرار على حق العودة

عمان بوست – بقلم الكاتب السياسي حمادة فراعنة
منعت سلطات المستعمرة مسيرة العودة المركزية التي بادرت لها: لجنة المتابعة العليا لقيادة الشعب العربي الفلسطيني في مناطق 48، بادرة تحمل الإصرار على العودة إلى القرى المهجرة المدمرة، في مناطق الجليل والمثلث والنقب ومدن الساحل المختلطة، تعبيراً عن التمسك بحق العودة، وأن هذا الحق لا يسقط بالتقادم مع الزمن، ويبقى متوارثاً تسلمه الأجيال الراحلة، للأجيال المقبلة.
سلطات المستعمرة منعت مسيرة العودة المركزية التي دعت لها لجنة المتابعة بعد ان غدت تقليداً سنوياً، تهدف إلى تحقيق غرضين سياسيين أولهما: التمسك بحق العودة، واستعادة الممتلكات المصادرة المنهوبة وهي الأرض وما بها وعليها، وثانيهما: رفض ما يسمى احتفالات الاستقلال لقيام المستعمرة في شهر أيار 1948 على أرض فلسطين.
فلسطينيو الداخل أبناء مناطق الاحتلال الأولى، رفعوا شعارا علنيا شجاعا، يحمل كل معاني الصراع بين المشروعين غير المكتملين بعد: 1- المشروع الوطني الديمقراطي الفلسطيني، في مواجهة المشروع الآخر، 2- المشروع الاستعماري التوسعي الإسرائيلي الصهيوني العبري، شعار يقول: «يوم استقلالكم هو يوم نكبتنا».
سلطات المستعمرة، منعت مسيرة العودة، فتم استبدالها من قبل لجنة المتابعة الفلسطينية العليا، بمسيرات فرعية لأكثر من عشرين قرية مهجرة، حيث سار ورثة أصحابها وأهلها من الشباب والصبايا، ومن العائلات، نحو قراهم المهدمة المهجرة، رغم محاولات شرطة المستعمرة والأجهزة الأمنية في فرض المنع وعرقلة المسيرات، ولكن الإصرار من قبل الأهالي، بوسائل مدنية، وتعبيرات سلمية غير عنيفة، أدت الغرض والهدف، ودفعت الأولاد والأحفاد، والشبيبة يُفجرون السؤال بلهفة وقوة: لماذا؟؟ لماذا تمنع شرطة المستعمرة وأجهزتها من مواصلة المسير الهادئ، نحو قرى أجدادهم وآبائهم؟؟
أدوات كفاحية مهمة تترك الأثر البالغ العميق في نفوس الجيل العربي الفلسطيني الذي ورث البقاء على أرض بلادهم، المصادرة المنهوبة، بالعنصرية والتمييز، ورفض هويتهم الوطنية العربية الفلسطينية من قبل سلطات المستعمرة وإداراتها، فيكون الرد بالتمسك بالهوية الوطنية، والقومية العربية وبالديانات: الإسلامية والمسيحية والدزية.
القائد الفلسطيني محمد بركة رئيس لجنة المتابعة المنتخب، الذي قاد مسيرة أهل بلده من مدينة شفا عمرو حيث يقيم، إلى قريته الأصلية المهجرة المدمرة صفوريا قال: «يحاولون تحريف الهوية وتزييف التاريخ، ورداً على التحريف والتزييف نتمسك بحق العودة، ونقول للمهاجرين المشردين المبعدين من اللاجئين خارج البلاد، من بقي هنا ينتظر عودتكم، فالعودة آتية مؤكدة لا ريب فيها، وحق العودة سيتحقق مهما طال الزمن ووضعت العراقيل والموانع».
تجربة البقاء والصمود والنضال المدني السلمي في مناطق 48، ظاهرة تستحق التوقف والتعلم لكل الفلسطينيين في مناطق القدس والضفة والقطاع، فالكفاح من أجل البقاء والصمود بالوسائل المدنية السلمية غير العنيفة لا يقل أهمية إن لم يكن يزيد عن مظاهر العنف والعمليات والكفاح المسلح، وها هي عملية 7 أكتوبر وتداعياتها وحرب غزة العدوانية الهمجية دلالة على استخلاص العبر واختزان الخبرات والتعلم من التجارب، فالكفاح المسلح، والانتفاضة الشعبية، والمفاوضات، وسائل للوصول إلى الهدف، و هي ليست مبادئ للتمسك بها، بل هي أدوات للوصول إلى النتائج: العودة والاستقلال والحرية واستعادة الكرامة والحقوق على كامل أرض فلسطين، بشكل تدريجي متعدد المراحل.