أقلام بوست

فراعنة يكتب : التصميم من أجل انتصار الأمل

عمان بوست – بقلم الكاتب السياسي حمادة فراعنة

لم تكن مجرد جنازة لشخص تُوفي جراء المرض اللعين، فالمرض يُداهم الإنسان بعد الخمسينات أو الستينات، جلطات القلب بسبب تضيق الشرايين، أو السرطان على الأغلب.
لم تكن جنازة المهندس النقابي قاهر صفا، لشخص يتحلى بالخُلق والمهنية، وهو كذلك، ولكنها كانت جنازة تتصف بالإزدواجية التي تجمع بين الأداء السياسي والنقابي، وروح ودوافع: الوطنية، القومية، الشراكة الأردنية الفلسطينية.
ممثلوا الأحزاب السياسية على مختلف توجهاتهم الوطنية والقومية واليسارية والإسلامية، من يتفق معه، ومن يختلف، من كان حليفاً، ومن كان خصماً انتخابياً، جمعتهم دوافع التقدير وتأدية الواجب، نحو شخصية واضحة، بلا مواربة، بلا تزلف، ولكنها تنتصر في البحث عن القواسم المشتركة من الآخر الحزبي، النقابي، الجهوي، تنتصر من أجل الأردن، ومن أجل فلسطين، من أجل الوطن، ومن أجل القضية، وتداخل السياسي مع النقابي، الوطني مع القومي، الأردني مع الفلسطيني، لأننا في خندق واحد من أجل أمن الأردن واستقراره وتقدمه وديمقراطيته وتعدديته، لأن هذا الأردن هو الرافعة لفلسطين، وهو حائط الصد لحماية الأردن، من الأطماع التوسعية الاستعمارية الإسرائيلية، وهو حائط الصد لكل من يحاول العبث بالتماسك والوحدة، لأننا في خندق واحد، مهما اختلفت اجتهاداتنا ورؤانا، فالعدو لم يتردد في احتلال القدس والضفة الفلسطينية عام 1967، حينما كانتا جزءاً من أراضي المملكة الأردنية الهاشمية، وجزءاً من سيادتها وجغرافيتها ونظامها، كما لم يتردد في محاولة اجتياح الغور والضفة الشرقية، يوم 21 آذار 1968، في معركة الكرامة الخالدة، التي استهدف من خلالها جيش المستعمرة إنهاء المقاومة الفلسطينية الوليدة، فكان له جيشنا العربي الأردني، بالمرصاد ولقنه درساً في الوجع والاصابات والهزيمة، وسجلت انتصاراً للفلسطينيين ولمقاومتهم الوليدة، بفعل تضحيات وبسالة وأداء القيادة الأردنية و الراحل الملك حسين، وجيشنا العربي الأردني.
شخصيات عابرة للحدود، أمثال قاهر صفا، مكسب وطني قومي، لا نملك إلا أن نتباهى به، ودلالة ذلك هذا الحضور بالمشاركة والشراكة في الصلاة، ومسار الجنازة، ودفن الجثمان بما يليق لشخصية نقابية سياسية جامعة، إلى الحد أن أحدهم أقسم بما يتمنى قوله: “أتمنى أن تكون جنازتي جامعة بهذا الحشد الهائل من المشاركين”.
يا أصحاب العقول الضيقة، والأفكار السطحية، يا منفلقي الرؤى، وضيقي الأفق، شعبنا وقواه وقياداته، لا تستطيع إلا أن تنتصر للحق، للوحدة، وأن تفهم أن التعددية سلاح إيجابي، وليس ظاهرة مرضية، بل هي اجتهاد بهدف الوصول لما نتمنى:أردن مستقر، وفلسطين محررة، ولنا في قاهر صفا ولما يُمثل النموذج الذي يُحتذى، ويجب بالضرورة أن يُحتذى.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى