فراعنة يكتب : الانتقال من فلسطين إلى إيران

عمان بوست – بقلم الكاتب السياسي حمادة فراعنة
على الرغم من استمرارية عدوان المستعمرة الهمجي العنصري الفاشي المتطرف على قطاع غزة، وارتقاء الشهداء، ومواصلة الدمار والخراب، بوتائر مختلفة، لم يكن صدفة اختيار نتنياهو سرعة تنفيذ مخطط الهجوم على إيران، الذي شكل مفاجأة وصدمة، بسبب عدم الاستعداد الإيراني اليقظ، وشكلت الضربة الإسرائيلية خسائر فادحة عسكرياً وبشرياً وقيادة ومعنويات للإيرانيين.
إسراع نتنياهو في توجيه الضربة إلى إيران، لأنه قرر ورغب في نقل المعركة من فلسطين، من قطاع غزة، إلى إيران، لعدة أسباب:
أولاً: تجاوز حالة الفشل والإخفاق في نتائج معركته ضد القطاع، المحاصر الجوعان المدمر، ومع ذلك لم يتمكن من: 1- إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين بدون عملية تبادل رغم احتلاله لكامل قطاع غزة، وتبجح قبل أيام باكتشاف جثة إسرائيلي في أحد الأنفاق، 2- عدم تمكنه من إنهاء المقاومة الفلسطينية وتصفيتها، على الرغم من اغتيال العديد من قياداتها العسكرية والسياسية، وقبل أيام وجهت المقاومة ضربة موجعة لقواته في القطاع.
ثانياً: لذلك لجأ إلى تغيير وجهته مرغماً على أثر: 1- الضغوط من قبل عائلات الأسرى الإسرائيليين، 2- استخلاص القيادات العسكرية والأمنية قولها : لم يعد هناك هدف استراتيجي يمكن تحقيقه في قطاع غزة، 3- ضغوط الحلفاء الأوروبيين والأميركيين لوقف عمليات الإبادة الجماعية، والتطهير العرقي، والقتل المقصود المتعمد الذي يقوم به ضد المدنيين الفلسطينيين، ولذلك سعى إلى تغيير أولوية معركته وعنوانها من غزة إلى إيران، وبذلك يتم تقليص الحرب على غزة، بدون قرار وقف اطلاق النار، وهو مرغم على ذلك، على خلفية الإخفاق والفشل، وحتى لا يرضخ لتشكيل لجنة تحقيق، ويُحاكم على قاعدة التقصير الذي وقع به.
ثالثاً: سعى نحو تغيير وجهته لاستكمال ما حققه من: 1- تدمير قدرات حماس، 2- تدمير قدرات حزب الله، 3- تدمير قدرات الجيش السوري، وبذلك وفر المقدمات العملية نحو التوجه إلى إيران، وقد حقق مراده بالضربة القوية العملية والمعنوية للقدرات العسكرية والأمنية الإيرانية، ولكن السؤال هل هجومه دفع إيران نحو الخنوع والاستسلام وقبول المفاوضات كشكل من أشكال المساومة على حقها في التخصيب النووي، وإزالة نفوذها كطرف إقليمي مقرر لا يقل أهمية عن تركيا والمستعمرة؟؟ أم أن خيارها سيكون عكس ذلك؟؟.
واضح من السياق أن خيار إيران المعلن هو عدم الرضوخ والاستسلام، بل مواصلة المواجهة، ولا تزال الضربات من قبل إيران تستهدف المدنيين والمجتمع الإسرائيلي لعدة أسباب:
أولاً: لأنهم الحاضنة الشعبية لجيش الاحتلال.
ثانياً: المس بمعنوياتهم وانعكاس ذلك على الجيش الإسرائيلي.
ثالثاً: لأن قطاعا واسعا من الإسرائيليين أجانب يحملون الجنسية المزدوجة، وقد تدفعهم الحرب نحو الرحيل إلى بلادهم التي سبق وأن أتوا منها، وأن فلسطين ليست آمنة للاستثمار ومتعة الحياة، وأنها مازالت لشعبها أصحاب الأرض الأصليين، يواصلون المقاومة، ويقولون لا للرحيل، لا للاحتلال.
المعركة مفتوحة، ولا أحد يستطيع التكهن بالنتائج لأن النتائج السياسية، مرتبطة بما يجري على الأرض وفي الميدان، والمواجهة ما زالت قائمة واستهداف المدنيين الإسرائيليين ما زال يترك الأثر البليغ على سير المعارك، والسؤال هل تقبل إيران الإهانة التي وجهت لها يوم 13/6/2025/ بقتل القادة والمس بالقدرات؟؟ وهل الضربة أخلّت بالقدرة الإيرانية أم أن قدراتها رغم الخسائر، مازالت متوفرة لتوجيه ضربات موجعة للمستعمرة الإسرائيلية؟؟