أقلام بوست

التل يكتب : قراءة في المزاج الشعبي العام

عمان بوست – بقلم بلال حسن التل

يكثر الحديث وبصيغ مختلفة, وعبر وسائل مختلفة, أبرزها وسائل التواصل الاجتماعي عن المزاج الشعبي العام في الأردن, حيث يوصف بأنه مزاج محبط وسوداوي, وبالرغم خطورة الدور الذي يلبعه المزاج الشعبي, في تحديد الآراء والمواقف والتوجهات لأي مجتمع ولأي دولة, فإن المزاج الشعبي الأردني لا يحظى بالاهتمام الكافي, بخلاف ما يجري في الدول الأخرى, حيث يحرص صّناع القرار على معرفة المزاج الشعبي السائد, قبل اتخاذهم لأي قرار, كما يحرصون على تهيئة هذا المزاج لتقبل القرارات أو تأييد المواقف او توجيه “الإختيارات”, علماً بأن الأردن ليس استثناء من حيث دور المزاج الشعبي في إيجاد المناخات العامة السائدة في البلد, وهي للأسف الشديد مناخات سلبية, وخطورة هذه السلبية أن المزاج الشعبي يلعب الدور الرئيسي في صناعة الرأي العام الأردني وتوجيهه, خاصة من خلال مواقع التواصل الاجتماعي, التي أصبحت المصدر الرئيسي للمعلومات بالنسبة لمعظم الأردنيين, ومن ثم المؤثر الأكبر في صناعة الرأي العام وتوجيهه, في ظل غياب منظومة رسمية لبناء وتوجيه الرأي العام الأردني.
لا يفوت الدارس والمراقب أن يجد أن نسبة عالية من المزاج الشعبي العام في الأردن ومن ثم الرأي العام الأردني يتصفان بالتناقض ومن ثم بسرعة التقلبات,بعد أن صارت هذه النسبة من مكونات المزاج الشعبي الأردني في السنوات الأخيرة مملؤة بالشك ويسيطر عليها الإحباط كما صارت سهلت الإنقياد لكل ماهو سلبي.
كما تتصف هذه النسبة من مكونات المزاج الشعبي العام في الأردن بأنها متبرمة كثيرة الشكوى, وهي الشكوى الناتجة في بعض الأحيان عن صفة الجشع التي بدأت تتضخم عند شرائح واسعة ينظر أفرادها إلى الوطن على أنه مجرد غنيمة, يريدون حصتهم منها. وقد أنتجت هذه الصفة جملة من الصفات المرتبطة بها أولها سيطرة الأنانية والفردية وتغليب المصالح الفردية على المصلحة العامة على قاعدة أنا ومن بعدي الطوفان.

ونتيجة للفردية المتضخمة صارت هذه النسبة من المزاج الشعبي في الأردن مياله إلى التطاول والمناكفة, خاصة مع غياب قيمة الإحترام للفرد والجماعة والمؤسسة, فقد صارت الفردية سبباً من أسباب الإنفلات من كل الأطر الضابطة للقيم والعلاقات, خاصة علاقة الفرد بالمؤسسات العامة, وأخطر مظاهر هذا الإنفلات الاعتداء اللفظي والمادي على المؤسسات العامة وعلى العاملين فيها, بالإضافة إلى التطاول على كل شيء عبر وسائل التواصل الاجتماعي, شجّع على ذلك الشعور بضعف الكثير من المسؤولين وعدم قدرتهم على التواصل مع المواطنين, لشرح سياسات الدولة والتمهيد لقراراتها, ولإقناع الناس بهما, مما زاد المزاج الشعبي سلبية, في ظل غياب المساءلة والردع القانوني والردع الاجتماعي, الذي كان يلزم الفرد باحترام غيره من الأفراد بالإضافة إلى احترام المؤسسات العامة.
غير أن أخطر الصفات السلبية التي تتصف بها هذه النسبة من المزاج الشعبي العام في بلدنا منذ سنوات, أنها غير منتمية لمصلحة وطنية عليا, بدليل أنه في كثير من الأحيان تسيء لصورة الوطن وسمعته, من خلال الإساءة لمؤسساته ورموزه من خلال ترويجه للإشاعات الهدامة بدون دليل, أو من خلال تضخيم أي خطاء أو حادث, فإن هذا الحادث يستغل لتشويه صورة الدولة الأردنية وأجهزتها المختلفة, ومن ثم هز الثقة بهما, بالإضافة إلى انتشار موجة من الإشاعات والإتهامات, وكل هذا يؤثر على حالة الروح المعنوية في الأردن التي وصلت إلى درجة خطيرة من التدني والضعف, خاصة في روح المواطنة عند الأردنيين وهبوط حاد في حالتهم المعنوية, وهو أمر لابد من علاجه.
Bilal.tall@yahoo.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى