فراعنة يكتب : جرائم المستعمرة ستدفع ثمنها

عمان بوست – بقلم الكاتب حمادة فراعنة
ليست حالة الإنحدار الإسرائيلية المتتالية، حصيلة رغبة، إسرائيلية أو فلسطينية، أو من طرف أصدقائها، أو بتخطيط من قبل أعدائها، بل هي حصيلة تصادم: فعل فلسطيني إسرائيلي أساساً، وتداعياته العربية، وامتداداته الدولية العابرة للحدود.
لقد أقيمت المستعمرة ومشروعها التوسعي بشكل تدريجي متعدد المراحل، بدءاً من المؤتمر الصهيوني 1897، مروراً بوعد بلفور 1917، وإعلان الدولة 1948، والتوسع واحتلال كامل خارطة فلسطين 1967، وهكذا مروراً بكل الاتفاقات الثنائية والجماعية: كامب ديفيد، وادي عربة، أوسلو، والاتفاق الإبراهيمي التعددي، ومع ذلك تتوفر تعارضات تناقض مع هذا التراكم التدريجي من الإنجازات الإسرائيلية لصالح مشروعها التوسعي، تتمثل بتعارضات متصادمة مع برنامجها ومجمل مشروعها، وهي إنجازات فلسطينية تراكمية تشكل حالة التناقض مع مشروع المستعمرة الإسرائيلية، لصالح مشروع الحرية والاستقلال والعودة الفلسطيني.
وبداية التراكم الفلسطيني بدأ مع ولادة منظمة التحرير عام 1964، وانطلاق ظاهرة الكفاح الفلسطيني والفعل الثوري في مواجهة الاحتلال عام 1965، ومعركة الكرامة 1968، وسلسلة المعارك والمواجهات والعمليات التصادمية من خارج وداخل فلسطين طوال السبعينات والثمانينات، والانتفاضة الأولى التي أعطت النتيجة الجوهرية بنقل الموضوع والعنوان والنضال الفلسطيني من المنفى إلى الوطن 1987، وتتويجها باتفاق أوسلو عام 1993، والانتفاضة الثانية عام 2000 توجت بالرحيل الإسرائيلي عن قطاع غزة بعد فكفكة المستوطنات وإزالة قواعد جيش الاحتلال 2005، وليست نهاياتها عملية 7 أكتوبر 2023، وتداعياتها التي فجرت الدمامل الكامنة، وكشفت حقيقة الصراع وامتداداته العابرة للحدود التي عرّت اطماع مشروع المستعمرة التوسعي نحو لبنان وسوريا واليمن وقطر، واختصاراً لما قاله نتنياهو بمسألتين جوهريتين: الأولى أن “فلسطين نقيض إسرائيل”، والثانية العمل على “تغيير خارطة الشرق الأوسط”.
كشفت معركة 7 أكتوبر وتداعياتها فحوى حالة الصراع وأبعاده وخطورته على مجمل العالم العربي ونظامه، فالقصف والاعتداء الإسرائيلي على السيادة القطرية يوم 9/9/2025، كدولة وسيطة، تحظى بعلاقات وطيدة مع الولايات المتحدة، دالة على مدى همجية المستعمرة الإسرائيلية، وعدم رغبة الفريق الحاكم لديها المكون من: الأحزاب السياسية اليمينية المتحالفة مع الأحزاب الدينية اليهودية المتشددة، في وقف الحرب بل مصلحتهم في استمرارها، و لا مصلحة لهم بأي تسوية سياسية، بل يعملوا مستغلين المعطيات القائمة فلسطينياً بالإنقسام، وعربياً بالضعف، و دوليا حرب أوكرانيا في استنزاف روسيا، كي تفرض المستعمرة برنامجها ورؤيتها والتوسع في مشروعها، ولكن هل هذا يسير كما تشتهي قيادة المستعمرة، وهل خياراتها المتطرفة تحقق ما تسعى إليه؟؟.
لقد تمكنت من قتل عشرات الآلاف من المدنيين الفلسطينيين، وتدمير قطاع غزة لجعله لا يصلح للحياة الطبيعية، وتستبيح سيادة لبنان وسوريا واليمن وتطاولت على إيران، ولكنها فشلت في تحقيق هدفها في قطاع غزة إلى الآن فشلت في: 1- إنهاء المقاومة الفلسطينية وتصفيتها، 2- في معرفة أماكن الأسرى الإسرائيليين وإطلاق سراحهم بدون عملية تبادل،3-
إخفاقات المستعمرة الإسرائيلية رغم تفوقها العسكري يسير بشكل متدرج، وخاصة على المستوى الرسمي العربي، مسببة الحرج للنظام العربي، بفعل مذابح غزة، وبفعل الاعتداء على قطر، ومسببة الحرج لأوروبا التي ساهمت بصناعتها، حيث تسير باتجاه سياسات واقعية متدرجة مهما بدت بطيئة لصالح فلسطين، وضد سلوك المستعمرة وهمجيتها.
المستعمرة لن تُهزم بالضربة القاضية، ولكنها تسير نحو حتفها ونهاياتها كجنوب إفريقيا وكافة البلدان الاستعمارية المماثلة، بشكل تدريجي متعدد المراحل، وكل ضربة موجعة للفلسطينيين، وللعرب، وكل إخفاق وتراجع وجريمة تقترفها تدفع بها نحو نهايات محتمة لتراجعها وإنحسارها وصولاً لهزيمة برنامجها الاستعماري التوسعي برمته.