فراعنة يكتب : رسالة البابا قبل رحيله

عمان بوست – بقلم الكاتب السياسي حمادة فراعنة
رغم تضارب التصريحات الإسرائيلية حول معاملة المقاومة الفلسطينية للأسرى الإسرائيليين، في أنفاق غزة و بيوتها وتنوع مضامينها وفق مصادرها، بعضها اشار إلى معاملة فلسطينية فظة مهينة سيئة، ونقيضها أشار إلى معاملة إنسانية محترمة تعكس رفعة المعاملة للأسرى رغم انهم كانوا معسكر العدو الذي لا يرحم.
في التدقيق بتصريحات أغلبية الأسرى الإسرائيليين أكدت على حُسن معاملة حركة حماس، ومقاتليها لهم، ولم يكونوا مجبرين على مدح سلوك الفلسطينيين ورفعة معاملتهم لهم، ولا أدل على ذلك أكثر حدة ووضوحاً وشجاعة، من مشهد «بوسة» الأسير الإسرائيلي لرأس حارسه الفلسطيني، وكانت بمثابة لقطة ومشهد يحمل الكثير من المصداقية والعفوية في وداع أسير لحارسه المرافق، وسجلت الواقعة صدمة للاسرائيليين ولكل المراقبين في العالم، ووجهت لطمة سياسية لمكونات المستعمرة الاسرائيلية.
ولكن لو سلمنا جدلاً باتهامات قادة المستعمرة لسلوك حركة حماس المهين للأسرى الإسرائيليين، وهي اتهامات أيدتها واشنطن بلا تحفظ، فهل تتعامل أجهزة المستعمرة وقواتها للأسرى الفلسطينيين بحد أدنى من احترام إنسانية الإنسان وحقه في الكرامة، أم أن الحقد والعنصرية والتطرف والسلوك المشين، والانحدار الأخلاقي والقانوني، بلا أي وازع من ضمير أو الحد الأدنى من التعامل مع الأسرى باعتبارهم بشراً، بل مجرمين يستحقون كل أنواع الضرب والإهانة والقتل.
كم أسيرا فلسطينيا قُتل أو فقد ذاكرته وصحته، وخرج معلولاً، فاقد القدرة على الحياة الطبيعية، وتتم معاملته كمجرم، وليس أسير حرب له قناعات وإرادة وتطلع نحو الكرامة والحرية في وطن يتوق للاستقلال والاستقرار مثل كل البشر، مثل كل الشعوب، وهو ما يفتقده الشعب الفلسطيني ويتوق إليه، ويُقدم التضحيات من أجل الحصول عليها، وما يتعرض له الأسرى الفلسطينيون جزء من هذه التضحيات.
قداسة البابا فرنسيس الذي رحل بالأمس مع «عيد القيامة»، عبر عن تعاطفه وتضامنه مع الشعب الفلسطيني، وحقه في الحرية والدولة المستقلة، وقبل رحيله بساعات قليلة، اكد ادراكه لحجم معاناة الفلسطينيين واوجاعهم حيث قال:
«أنا قريب من الام المسيحيين في الأرض المقدسة، كما أنني قريب من الشعبين، ويتوجه فكري إلى أهالي غزة ولا سيما إلى الجماعة المسيحية فيها، حيث لا يزال النزاع الرهيب يولد الموت والدمار، ويُسبب وضعاً إنسانياً مروعاً ومشيناً».
الفلسطينيون في ساحة مار بطرس الفاتيكان، في قلب العاصمة الإيطالية روما، عبروا عن تقديرهم لقداسة البابا، برفع الأعلام الفلسطينية، وعن مواقفه المعبرة عن تفهم الكنيسة الكاثوليكية، وريثة السيد المسيح الشهيد الفلسطيني الأول، حاملة رسالته التي ولدت في بيت لحم والناصرة والقدس وتعمّدت في نهر الأردن، وانتشرت شرق الأردن نحو العالم، وبرحيله فقد الشعب الفلسطيني صديقاً مؤمناً بعدالة حق الفلسطينيين، في الكرامة والحرية والاستقلال.